عاصمة التّيطري تسلّط الضّوء على شهداء الجزائر

عرض فيلم وثائقـي عن الشّهيد زدور إبراهيـم قاسم المدعو زيـدون

م ــ أمين عباس

تابع جمهور دار الثقافة حسن الحسني بالمدية، عشية الاثنين الماضي، فيلما وثائقيا بعنوان «زيدون» بمناسبة اليوم الوطني للشهيد المصادف لـ 18 فيفري والذكرى الـ 60 لاندلاع الثورة المجيدة.
تضمّن الشريط الوثائقي شهادات حية لشخصيات نافذة في الجزائر، صوّرت كرونولوجيا حياتية لذلك الطالب الجامعي «زيدون»، شاب جزائري من مواليد وهران، في العقد الثاني من العمر، يتفوق في دراسته العربية والفرنسية، ويبرز في كامل حيويته وقوته، فينجذب إلى القضية الوطنية وينخرط فيها ويلفت الأنظار إليه، ليقرر والده - الفقيه والوطني - إبعاده عن الميدان السياسي.
 يرسل الطالب إلى تونس وهناك يجد الشاب المناخ مناسبا للنضال، فينخرط في صفوف الحركة الطلابية وينضم إلى حزب الشعب، ويشتغل بالدرس والنضال، ثم يتوجه بعد ثلاث سنوات إلى الأزهر الشريف بمصر ليصبح بعد ذلك من العناصر التي عرّفت بالثورة وهيّأت لها الأنصار، حيث كان ينشط في الكتابة الصحفية ويديرالندوات ويحضر الملتقيات، ويتّصل بالشخصيات العربية والمغاربية.
 كانت ثقافته المزدوجة، ونبوغه الأدبي من عوامل نجاحه في تأدية دور التوعية والتعريف بنضال الشعب الجزائري وكسب التأييد له.
وأظهرت مقاطع هذا الفيلم أنّه عشية التحضير لتفجير الثورة المباركة، وبعد تخرّجه سنة 1955 من جامعة الأزهر، أرسل به التنظيم إلى الوطن في مهمة، فترصّده العدو بمنزله عبر عناصر مديرية أمن الإقليم، وفي اليوم الثالث من نوفمبر 1954 ألقي عليه القبض وتمت تصفيته تحت التعذيب، وألقوا بجثته إلى البحر بالعاصمة، وادّعى المستعمر وقتها أنّ السّجين فرّ من زنزانته، وأنهم لا علاقة لهم بمقتله..إنّه الشهيد زدور إبراهيم قاسم المدعو زيدون (الاسم النضالي).
يذكر أنّه فيما عاد إنتاج هذا الشريط التاريخي والتوثيقي حول الشهيد زدور محمد براهيم قاسم، للمركز الوطني للدراسات والأبحاث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954، ساعد في إخراجه السيناريست زكريا قدور ابراهيم.
وساهم في عملية البحث والتنقيب ابن أخ الشهيد زدور محمد براهيم عبد الفتاح، بينما عادت كتابة التعليق  لـولهاصي نور الدين.
من جهة أخرى، أعقب هذا العمل بنقاش أشرف عليه المخرج وابن أخ الشهيد، ولم تتوان بعض الشهادات في إبراز هذه الشخصية الفذة والمحترمة وصاحبة الأخلاق العالية، كونها كانت لصيقة بشخصية العلامة والمؤرخ بلقاسم نايت بلقاسم والدكتور عثمان سعدي والراحل بوخروبة الرئيس هواري بومدين، وآيت أحمد وعديد الشيوخ من بين رجال الحركة الإصلاحية بالجزائر، كونه كان يلتقي كبار العلماء من بينهم السيد قطب.
 كما كان أهم مصادر الخطر لفرنسا بمصر وقتها لإيمانه بنبل قضية بلاده، ولتبيانه بأن الشعب الجزائري عربي مسلم وليس له علاقة بفرنسا، كما أنه كان صحافيا بارعا بدليل كتاباته بجريدة الأهرام ودعوة الحق والمنار، إلى جانب عمله كمستشار للأمين العام للجامعة العربية، وتحركه وتجواله في الكثير من نقاط العالم العربي والأوروبي لأجل القضية الجزائرية، حيث ساعده في ذلك ازدواجية لغته وتحكمه الجيد في الكثير من اللغات، بما في ذلك الفارسية والعبرية، فضلا على أنه كانت له التزامات سياسية ومنتدب لدى مصالي الحاج في المنفى وهمزة وصل بين الجزائر ومصر، كما كان يقوم بالسياحة ويسهر على حماية تراب وطنه من العدو، بدليل أن مجلة «اكسبرس» الفرنسية أنصفت قضيته عبر مقال جرمت فيه العدو لما قامت به في حق هذا الطالب الجامعي وبهذه الطريقة الوحشية، وقد كان رمزا للمثقف الحديث في الجزائر لكونه جمع بين الإسلام والوطنية والعربية والحداثة، وهي الشهدات التي قدمها الدكتور الطالب الإبراهيمي وبعض من رفقائه وأعدائه ممن عايشوه عن قرب خلال عملية التعذيب.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024