ووريت الأديبة العالمية آسيا جبّار الثرى صبيحة أمس بمقبرة سيدي يحيى بشرشال بحضور جمع غفير من المعزين يتقدّمهم كل من وزير الاتصال حميد قرين وعز الدين ميهوبي رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، إضافة إلى علي بن فليس، كمال بوشامة، بوعلام بن حمودة وشخصيات ثقافية وفنية.
انطلق الموكب الجنائزي الرّسمي للفقيدة في حدود الساعة العاشرة صباحا من المكتبة البلدية نحو مقبرة «البراج» بطريق سيدي يحيى بأعالي المدينة، أين تمّ توديعها إلى مثواها الأخير بحضور أمّ الفقيدة التي أدركت عامها التاسع والتسعين، حيث أبانت عن حزنها الشديد لفقدان ابنتها، كما أعربت ابنتها الوحيدة «جليلة» عن أملها في مساهمة الجميع في الحفاظ على الموروث الذي تركته الراحلة لكل النساء الجزائريات.
وكانت جنازة الفقيدة فرصة سانحة لمحبّيها والمقرّبين منها للحديث عن خصالها وعطائها وإسهاماتها الجبارة في ترقية الأدب الجزائري، ناهيك عن نضالها المرير في وجه المستعمر الغاشم خلال الثورة التحريرية. وأعرب رئيس المجلس الأعلى للغة العربية عز الدين ميهوبي بالمناسبة عن أمله الكبير في تبني إحدى الجهات مبادرة ترجمة أعمالها الأدبية إلى اللغة العربية، في خطوة لابد منها لتمكين الأجيال الجديدة من التعرف عن قرب على أعمالها.
كما أجمع العديد من المثقفين الذين حضروا جنازة الراحلة على كون هذه الأخيرة ساهمت بفعالية وصدق في تشريف مثقفي وأدباء الجزائر قاطبة، وقال المختص في الآثار محمد بن صالح، الذي كان جارها السابق بمدينة شرشال: «الراحلة كانت تناضل بشدة من أجل المرأة الجزائرية، وهي المرأة الأولى التي دخلت الجامعة خلال الفترة الاستعمارية كما أنّها المرأة العربية الأولى التي دخلت الأكاديمية الفرنسية، ومن ثمّ فنحن نتمنى بأن تحظى أعمالها الأدبية مستقبلا بعناية أكبر بمختلف جامعات الوطن».
تجدر الإشارة إلى أنّ جثمان الفقيدة كان قد حطّ الرّحال بالمكتبة البلدية لمدينة شرشال ليلة أول أمس لإلقاء النظرة الأخيرة عليها من لدن أقاربها ومحبيها من أبناء مسقط رأسها، بمعية مختلف السلطات المحلية التي التزمت بتنظيم جنازة رسمية للفقيدة تليق بمقامها باعتبارها شخصية ثقافية بارزة قدّمت للجزائر، ما عجز عنه كثيرون ومثّلتها في عديد المحافل العالمية كما سجّلت ضمن قائمة المرشحين لنيل جائزة نوبل للآداب.
ويشهد على تعلّق العديد من أبناء مدينة شرشال بالراحلة تنقلّهم الجماعي إلى قصر الثقافة، أول أمس لإلقاء النظرة الأخيرة دون انتظار وصول جثمانها إلى مسقط رأسها، في إشارة منهم إلى تعلّقهم الشديد بابنة مدينتهم، التي تمكّنت على مدار أكثر من نصف قرن من الزمن من تسجيل اسمها ضمن كبار المثقفين في العالم.