كشف رئيس المجلس الوطني للفنون والآداب عبد القادر بن دعماش في حوار مع «الشعب» عن توصّل المجلس إلى إعداد ما يقارب 600 بطاقة لتوزيعها على الفنانين خلال الأيام القليلة المقبلة، إضافة إلى التحضير لملف قانوني يهدف إلى توضيح علاقات تعامل الفنان مع مختلف الفضاءات والهيئات.
«الشعب» التقت عبد القادر بن دعماش على هامش المهرجان الثقافي المغاربي للموسيقى الأندلسية في طبعته السادسة بالقليعة، وأجرت معه هذا الحوار.
❊ الشعب: تشاركون لأول مرة في فعاليات المهرجان الثقافي المغاربي للموسيقى الأندلسية، ما تقييمكم له؟
❊❊ عبد القادر بن دعماش: المهرجان في حد ذاته مكسب لمدينة القليعة والساحة الفنية الوطنية عموما، وأنا موجود هنا لحضور احتفالية تكريم الفنان الصادق البجاوي الذي قدّم الكثير للموسيقى الأندلسية بالجزائر، وهو الرجل الذي حظي بتكريم خاص من لدن المؤتمر العربي الدولي للموسيقى العربية في 2001، وكان شخصية بارزة في الثقافة العالمية عموما والعربية على وجه الخصوص.
كما كرّم في تظاهرة «الجزائر عاصمة الثقافة العربية» سنة 2007 بمناسبة مرور 100 عام على مولده، والراحل كان صديقا وفيا لعدة شيوخ في الموسيقى الشعبية والأندلسية من القليعة، ولذلك فهو يستحق هذا التكريم عن جدارة واستحقاق، لاسيما وأنّ همّه الأكبر كان يكمن في التكوين ومواصلة وتيرة الفن التقليدي، الذي يحمل في طياته الهوية الثقافية والحس الوطني، وعلى هذا النمط دأبت الفنانة نرجس المبرمجة للتكريم خلال حفل الاختتام، وهي الفنانة التي ظلّت وفيّة للطّابع الحوزي منذ بروزها على الساحة سنة 1973، وهي تقارب الستين من عمرها حاليا.
❊ ما تعليقكم على المهرجانات الموسيقية بالجزائر؟
❊❊ كل المهرجانات المحلية والوطنية والدولية بالجزائر، بما في ذلك المهرجان المغاربي للموسيقى الأندلسية تشرف عليها وزارة الثقافة، وهي تهدف إلى الحفاظ ولمّ شمل التراث والموروث الثقافي ببلادنا.
والدولة هي التي تتكفّل بذلك حاليا باعتبارها أول بلد وقّع على اتفاقية اليونسكو لسنة 2005، والمتعلقة بتصنيف التراث اللامادي، وباعتبار الجزائر تملك فسيفساء متنوعة من هذا التراث تشمل أنماطا موسيقية وثقافية تفتقد إليها بلدان أخرى، فقد اغتنمنا فرصة اتفاقية اليونسكو للشروع في تصنيف هذه الطبوع الفنية المتميزة على غرار طابع الأهاليل لمنطقة أدرار وتيميمون وآلة الامزاد المرتبطة بمنطقة الأهقار وغيرها، والمهرجانات التي تقام هنا وهناك دوريا تعتبر محطات هامة لاكتشاف الفن المحلي وترقيته مع العمل على تصنيفه وفقا لاتفاقية اليونيسكو.
❊ وما الإضافة التي تقدّمها مشاركة بعض البلدان الأوروبية؟
❊❊ كل بلدان غرب المتوسط بما في ذلك البلدان الأوربية المطلة عليه، تشكّل فضاء مغاربيا مشتركا من الناحية الثقافية، لاسيما حينما يتعلّق الأمر بالموسيقى الأندلسية التي نشأت ببلاد الأندلس، وبعد رحيل المسلمين منها إلى بلدان المغرب العربي سنة 1492، بقي هذا النمط الموسيقي سائدا بكل من اسبانيا والبرتغال إلى غاية يومنا هذا، وتمكّن من التغلغل شرقا إلى غاية جنوب فرنسا وحتى إيطاليا.
والشيء الجميل هنا يكمن في التنوع والثراء بفعل التقاء الأنماط الموسيقية، لاسيما وأنّ الفن أضحى لغة عالمية واللغة العالمية تنطلق دوما من اللغة المحلية.
❊ الأسابيع الثقافية ليست في مستوى التطلعات بالميدان، فهل ستواصل الوصاية تجسيدها على أرض الواقع؟
❊❊ هذه التظاهرة مكّنت لها وزارة الثقافة خلال السنوات الأخيرة بناء على تجربة أول أسبوع ثقافي بولاية قسنطينة سنة 1968، حين تنقّل رئيس الجمهورية آنذاك لحضور فعالياته وكان ناجحا إلى حد كبير، ولكن التجربة التي عاشتها الأسابيع الثقافية بمختلف الولايات خلال السنوات الأخيرة بأن فشلها الذريع لأسباب لا يمكن الحديث عنها خارج إطار التقييم والحوصلة بصفة رسمية، وهذه المبادرة تحتاج إلى وقت لتقييمها، والوزارة الوصية على دراية تامة بهذا الأمر الذي سيحظى باهتمام متميز مستقبلا.
❊ ما جديد المجلس الوطني للفنون والأداب بشأن مستقبل الفنّانين؟
❊❊ لقد صدر المرسوم الأول المتعلق بضمان التغطية الاجتماعية للفنان في فيفري 2014 ما يسمح لهؤلاء الانخراط في الضمان الاجتماعي، وسنشرع بعد أسبوع أو أسبوعين في توزيع البطاقات الجاهزة على أصحابها، لتمكينهم من ذلك، مع الإشارة إلى أنّ المجموعة الأولى تضم قرابة 600 فنان وفنانة، على أن يتم التكفل بالبقية مستقبلا، والعمل المستقبلي سيكون أكثر فاعلية عقب حصول المجلس على مقر دائم بالمكتبة الوطنية، مع الإشارة أيضا إلى أنّ المادة 11 من المرسوم التنفيذي تعنى بالفنانين الذين بلغوا درجة متقدمة من السن، ولم تمكّنهم ظروفهم من الاستفادة من الضمان الاجتماعي، ومن ثم فإنّ الدولة هي التي ستتكفّل بهم في هذا الجانب بعد دراسة ملفاتهم حالة بحالة، ونحضّر حاليا لاستصدار مرسوم آخر، يتعلق بتوضيح علاقات الفنان مع القطاعات الأخرى بالشكل الذي يسمح له بأداء رسالته الفنية بكل أريحية.
