اعتبرت الكاتبة ليندة شويتن ظاهرة الأدب الاستعجالي التي ميّزت الساحة الأدبية عبر فترات ومحطّات مختلفة بالحالة الصحية الطبيعية، بل بالعكس تقول الكاتبة، فإنّ الحالة التي يعكسها ويصفها هي من ينطبق عليها هذا الوصف، مثل فترة الأزمات والعشرية السوداء بالخصوص التي أوجدت هذه الكتابات الأقرب إلى التأريخ الواقعي للأحداث، وبالتالي فإنّ الأدب الاستعجالي عبارة عن انعكاس لهذا الواقع وتصوير جانب من أحداث تلك الحقبة بغض النظر عن البعد الجمالي للنّصوص، خاصة من حيث البنية اللغوية.
أكّدت الأستاذة الجامعية والكاتبة ليندة شويتن في تشريحها لموضوع الأدب الاستعجالي المرتبط بحالات الأزمة والفترات العصيبة التي مرت بها الجزائر بالقول: “كل الكتابات الأدبية والإبداعية سواء في مجال القصة، الرّواية والقصيدة تنطلق من سياق اجتماعي، وتنقل الواقع اليومي المعاش، وبالتالي لا يمثل الأدب الاستعجالي الاستثناء في هذه الحالة، إنما كان له دوره أيضا في تصوير لحظات من يوميات الأزمة وبصدق كبير، سواء بالمقاومة، التنديد بالوضعية بغض النظر عن الجانب الجمالي للنص لأنه يركّز أكثر على المضمون..”.
عن مكانة هذا النوع من الأدب بين باقي الأجناس الأدبية من حيث الإضافة، وكيف السّبيل لرفع تهمة السلبية أو ما يوصف بأدب “الفاست فود” على غرار بعض الأغاني التجارية؟ دافعت الكاتبة شويتن بقوة عن إنتاج الأدب الاستعجالي نظير ما قدمه من إضافات للساحة الأدبية. “رغم أنّي أميل أكثر إلى الجانب الجمالي في النص الأدبي وهو ما يؤاخذ عليه هذا الأدب من قبل النقاد، إلاّ إنّي أعترف له بمكانته ولا أعتقد أنه سلبي أو أثر بشكل عكسي على المشهد الأدبي الجزائري رغم إنتاجه في ظروف طارئة، لأنّه يعكس واقعا سواء بطريقة سلبية أو إيجابية، كما أنّ الإشكال لا ينطبق فقط على مرحلة الأزمة التي عاشتها الجزائر خلال فترة التسعينيات حيث ظهر فجأة العديد من الكتاب الظرفيين، إنما قد ينطبق هذا الوصف حتى على مرحلة الثورة التحريرية التي أنجبت كتابا وشعراء استلهموا منها وألهموا الرأي العام، وتغنّوا بالبطولات ودافعوا بكتاباتهم وأشعارهم عن القضية الجزائرية في المحافل الدولية، أبرزهم الشاعر الكبير مفدي زكريا، وعليه هل يمكن أن نسمح لأنفسنا بالقول أن أدب تلك الفترة لم يكن ذا قيمة فنية أو قدم بطريقة مستعجلة لا يمكنه أن يرقى للكتابات الأخرى التي قدمت في الحالات الطّبيعية..؟”.
كما حاولت الأديبة أيضا الفصل بين الأدب الاستعجالي الذي لم يخرج من العدم مثلما قالت، وبين الأدب المناسباتي الذي يظهر في المناسبات الوطنية والأعياد مثل شعر المدح وغيره، ومع ذلك ـ تضيف الكاتبة ـ “لا ننفي وجود حالات انتهازية من بعض الكتاب الموسميين، الذين استغلوا الظّروف وحاجة الساحة الأدبية أثناء الأزمة لمثل هذه المحاولات الأدبية حتى يدلوا بدلوهم ويقدّموا أعمالا يبقى تقييمها من اختصاص النقاد، مثلهم مثل بعض المغنيّين أيضا الذين يلعبون على هذا الوتر بهدف الربح التجاري السّريع على حساب القيمة الفنية والجمالية لما يقدم من أعمال.