الدكتور والكاتب طارق ثابت :

ترجمة حقيقية للحقائق التي عاشها الجزائريون خلال العشرية السّوداء

لموشي حمزة

يتّفق الدكتور طارق ثابت من جامعة العقيد الحاج لخضر بباتنة، مع الأدباء والنقاد القائلين بأنّ الأدب الإستعجالي ظهر نتيجة “حتمية” للمرحلة الصّعبة التي عاشها الجزائريون سنوات التسعينيات، حيث أن الأدب حسب محدّث “الشعب” يتميّز بقهر الزّمن وتلبسه قوانين تطوره، إضافة إلى ذلك يقول: “يبدو واضحا أنّ طابع التّرويج والجماهيرية معتمَدُ الخطاب الأدبي، فملمح الأدبية الممنوحة للعرض والطلب موروث قبلي عصبي حسب مفهوم ابن خلدون منشأه للتقدم والتطور وإتيان الزّعامات”.

الأدب العربي يتغيّر ولا يخضع للتّجارب الغربية

يدافع الأستاذ ثابت بكل “صرامة” عن أحقية الأدب العربي في التغير والتبدل نحو الأفضل، رافضا بقاء هذا الأخير تحت هيمنة وسطوة الأدب الغربي، حيث لا ينفي المتحدث جانب التأثير والفاعلية النصية لما يسمى بالإلقاء، مؤكدا بأنّه جانب من الهيئة التزيينية لفروض الأدب مع ما يحتويه الخطاب من أساليب بلاغية للإقناع والتحكم، ليبقى النص الأدبي مع كل تحدياته التاريخية متحديا وبكل صرامة تقييده المادة.
ويرى طارق ثابت أنّ حال التحدي هذا اتخذ أوجها متعددة بلغت سعيها المعلوماتي والمنهجي والتأطيري، بحيث تبدل الحال والمقام، مشيرا إلى أنّ العيب ليس في التبدل والتغيير بل النقصان في البقاء قابعين متفرجين لا مساهمين، وقال: “من غير المعقول أن يبقى الأدب العربي جثّة هامدة خاضعة لصنوف التجارب الغربية بكل سخرياتها وعنصريتها، والجزائر مثلا شهدت من الزّلازل السياسية والفنية ما يجعلها  تنتصر لأطروحات وتقصي أخرى”.

مصطلح كتابة “المحنة”
أصدق من الأدب الاستعجالي

يحبذ المتحدث إطلاق مفهوم “كتابة المحنة” على هذا النمط من الأدب، بدل الأدب  الإستعجالي وهو مفهوم ـ حسب الأستاذ ثابت ـ ردّدته الأوساط الفرانكفونية في مقارباتها النقدية أو معالجاتها الصحفية، بينما يعرف بأنّه ذلك النموذج الأدبي المنتج في الجزائر في فترة العشرية السوداء، حين دخلت الجزائر في أزمة أمنية خانقة، بحيث ظهرت الكثير من النصوص الأدبية لدى الكتّاب الشباب على وجه الخصوص، ترجمت يوميات الأزمة باللغتين العربية والفرنسية، مبرزا في سياق حديثه بأنّ هذا الأدب يوسم بأنه يفتقر إلى جماليات الكتابة الأدبية وتقنياتها، وقد حقّق شهرة في بداياته لأن أغلب من كانوا يكتبونه إعلاميين.
وأضاف بأنّ علاقة الأدب بالصحافة جسدها طيف مهم من الأقلام المبدعة في ميدان الأدب والنقد، والتي وجدت داخل المتون الورقية، مهدا آخرا للكفالة بوعي اللحظة المادية الشغوفة بالعصر وتجلياته، مؤكّدا بأنّ العيب لا يكمن في اتخاذ الأدب صناعة، بل هو في الواقع صناعة في محاكاته لعالم النسخ حسب اعتقاد أفلاطون، قائلا: “إذا هو منتج لا ننكر ذلك، لكن العيب في اتّصافه بالحرفية المستلزمة أوجها تجارية محضة، لأنه وبكل بساطة لا يتعدّى تعبيره واقع الذات مع ما تبكيه، ممّا تستذكره وما تتأمّله”.

الأدب الاستعجالي فعل الحركة الثّقافية بالجزائر

ساعد هذا الأدب ـ حسب الدكتور طارق ثابت ـ في تفعيل الحركة الثقافية والفكرية، وترجمة “الحقائق التي عاشها الجزائريون” إلى أعمال توثق لتلك المرحلة، من خلال مجمل الكتابات التي تصف الراهن السياسي والاجتماعي  للجزائر.
وأشار إلى أنّ العلاقة بين الأدب والمقال الصحفي منطوية ضمن ما يسمى بالحوارية الفردية، أين تكمن سلطة الكاتب بإلغاء جانب الترجيع والتردد بين الطرفين، إذ يعمل الأول  مع الثاني في حرص على تمرير جانب دون آخر، مسعاه الوحيد ـ يقول ـ التصدير والعرض والقصيدة الذاتية وإن كانت مصاحبة لما ترغبه الأنا الاجتماعية في تكونها وتطورها.
وأضاف أنّه من غير المعقول أن نلغي النص الثاني كولادة عسيرة المخاض في جوهرها ومبناها داخل المنظومة الإعلامية وتحدياتها، وهذا هو سر تذبذب وضعف ما يسمى  بالنصوص الإستعجالية.
ويركّز ثابت على مسألة أخرى يراها في غاية الأهمية ويشير إليها الكثير من الدارسين، وهي أنّ الأدب الإستعجالي لا يتوفر على العناصر الجمالية والفنية في كتابة رواية أو مؤلف، مؤكّدا بأنّ هذا لا يعني في تقديره أن الأدب الاستعجالي يتميز بالميوعة والركاكة في التراكيب، وأنه يخلو من الجماليات الإبداعية والفنيّة، حيث يرى بأن هناك نصوص جيدة مثل “بوح الرجل القادم من الظلام” لإبراهيم سعدي، وكتابات ياسمينة خضراء أو روايات عز الدين جلاوجي وغيرها، قائلا في ختام حديثه: “الحال الذي ذكرناه عن الأدب هنا ينطبق على الفنون الأخرى مثل السينما التي قد تقع في ما يسمى سينما الاستعجال”.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024