أحيا فنان الأغنية القبائلية تاكفاريناس نهاية الأسبوع حفلا فنيا بمسرح الهواء الطلق العادي فليسي، نظمته مؤسسة فنون وثقافة لولاية الجزائر.. وكان تاكفاريناس قد نشط قبل ذلك ندوة صحفية بقاعة ابن خلدون بالعاصمة، عبّر فيها عن حزنه الشديد لما يتعرض له أشقاؤنا الفلسطينيون، كما أكد رغبة الفنانين الجزائريين بالمهجر في تدعيم الساحة الثقافية الجزائرية.
قال تاكفاريناس، أول أمس الخميس، أنه سعيد جدا بعودته إلى الغناء بالجزائر العاصمة، التي لم يحي بها حفلا منذ سنوات، كما اغتنم الفرصة للتعبير عن أمانيه في الغناء بمهرجاني تيمقاد وجميلة، قائلا إنه ينتظر دعوة للمشاركة منذ سنوات، ويتمنى أن يتحقق له ذلك.
وأضاف الفنان أنه اقترح، وما يزال، وضع خبرته في المجال تحت تصرف الجهات الوصية عن الثقافة، وأنه ليس الوحيد الذي يملك هذا الاستعداد، فالفنانون الجزائريون في الخارج لديهم من الخبرة والتحكم التقني ما يضاهي كبار المختصين في صناعة الموسيقى، ويكفي وضع الثقة بهم من أجل الوصول إلى احترافية أكثر ونجاعة أكبر.
وعن سؤال “الشعب” حول ما يمكن أن يقدّمه الفنان المحترف من خبرة وإعانة للفنانين الشباب الموهوبين، وحول ما قدمه تاكفاريناس في هذا السياق، أجاب احسن زرماني (الاسم الحقيقي لتاكفاريناس) أن شبابا يرسلون له مقطوعات موسيقية على بريده الإلكتروني، وأنه يستمع إليها ويبدي ملاحظاته، بل أكثر من ذلك أنه يقدم أغان ألفها مجانا للشباب، ولكن هذا لا يكفي، لأن عصب الثقافة اليوم هو المال، ويلزم من الإمكانيات الكثير من أجل النهوض بالمواهب الناشئة والتسويق لها.. وفي ذات السياق قال تاكفاريناس إن الفنان صار لا يكسب شيئا من مبيعاته بسبب التحميل المجاني على الأنترنت، لذا “كان الله في عون الفنانين الصاعدين” الذين سيكون من الصعب عليهم أن يعيشوا من فنّهم.
تاكفاريناس، الذي أكد لنا أنه رياضي مداوم على تمارينه، أجاب عن سؤال “الشعب” حول غياب مشاركة القطاع الاقتصادي الخاص في دعم الثقافة، بأن القطاع الخاص يجب أن يساهم مساهمة فعالة كما هو معمول به في عديد الدول، إلا أن الخواص في الجزائر “يفضلون تمويل كرة القدم” رغم أن الثقافة هي أساس البناء الحضاري والاجتماعي للدولة.
ولم يخف تاكفاريناس عدم رضاه عمّا يُنتج من موسيقى جزائرية مؤخرا، وقال إن هذا راجع مرة أخرى للجانب المادي، لأن المنتج يطلب من الفنان الانتهاء من التسجيل في يوم أو يومين بسبب التكلفة المرتفعة، وهو ما يؤثر على جودة العمل المقدم.
ويبدو أن لتاكفاريناس كلام في السياسة أيضا، فقد تساءل الفنان “أين حكماء العالم حتى يوقفوا ما يحدث في غزة.. لقد استطاع العالم أن يوقف نزيف الدم في دول كثيرة، وأن يحلّ أزمات مختلفة، فلماذا لم يحلّ قضية دامت لعقود، وهي القضية الفلسطينية، إلى يومنا هذا؟”، وعبّر عن بالغ حزنه بسبب الأوضاع الإنسانية المزرية التي يعيشها أشقاؤنا هناك، كما ذكر الحضور من الإعلاميين بمبادرة الفنانين الجزائريين، وكان هو من ضمنهم، بإنتاج أغان عن فلسطين، تحت طلب من الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد.. وواصل تاكفاريناس في حديثه عن السياسة الممتزجة بالثقافة، حينما دعا إلى استكمال ترقية اللغة الأمازيغية، وعبّر عن أمنيته في أن تصير لغة رسمية، وهو ما اعتبره مساهمة في الغنى الثقافي للجزائر.