أكّد محمد الأمين بركات أستاذ محاضر بالمدرسة العليا للأساتذة بمستغانم، أنّ الجزائر تشهد حركية متصاعدة فيما تعلّق بصناعة الكتب وتعدّد المؤلّفات، التي ازدادت أرقامها مقارنة بسنوات خلت، ويرجع الأمر ـ حسب المتحدّث ـ لسببين رئيسين هما: ظهور عدّة دور نشر جزائرية وطائفة من الكتّاب والمبدعين الذين استغلّوا تنافسية دور النشر فيما بينها فيما تعلّق بالعروض والأسعار..
يقول الأستاذ محمد الأمين بركات في حديث مع “الشعب” إنّ سبل صناعة الكتاب في الجزائر، لا تكمن إلا بتضافر الجهود في سبيل تطويره والنهوض بمكانته محليا ودوليا، ولا يتأتّى هذا المطلب إلا ببعض الوسائل ـ التي يراها المتحدّث ـ كفيلة بتحقيق ذلك منها ما تعلّق بالمؤلّفين أو بدور النشر..
وأوضح بركات أنّ من أهم الوسائل المرتبطة بفئة المؤلّفين تكمن على غرار تقديم الدعم المعنوي والمادي لهم، في عقد ندوات وورشات لفائدة المهتمين بالتأليف، تأسيس جوائز دورية لأحسن كتاب في شتى التخصّصات..وفيما تعلّق بدور النشر فإنّ أهم تلك الوسائل تتمثل في مواكبة التكنولوجيا وتطويعها في مجال النشر، دعم مؤسّسات النشر وإعانتها في مسألة الطبع والتوزيع والتسويق محليا ودوليا، إضافة إلى تنظيم معارض للكتب بشكل دوري لإتاحة المؤلّفات الجزائرية للقارئ.
ومن منظور الأستاذ فإنّ صناعة الكتاب في الجزائر، ما زالت تعتَريها العديد من الصعوبات، سواء على مستوى دور النشر أو القارئ، ويضيف “فمن ذلك ما تعلّق بجودة المطبوع، ففي كثير من الأحيان تكثر به الأخطاء، ومردّ ذلك إلى عدم التدقيق والتسرّع من قبل الدار، وبالحديث عن مسألة التوزيع تجد الدور عنتا في ذلك، إذ يصعب عليها تزويد جميع ولايات الجزائر بمطبوعاتها، أما على الصعيد الدولي فإنّ عملية التسويق للكتاب لا تسير بخير حال لأسباب شتى”..
كما أكّد في ذات السياق، أنّه يبقى أمر آخر يتحكّم في إنتاجية الكتب، وهو المهم، يتمثّلُ في نسبة المقروئية التي تعاني انخفاضا مشهودا إذا ما قيست بدول أخرى، ويقول “نرجعها طورا لهيمنة التكنولوجيا وطورا لغلاء الكتاب في حدّ ذاته وغيرها من العراقيل”.
ويرى محمد الأمين بركات، أنّ العوامل والتحدّيات المهيمنة على صناعة الكتاب يمكن حصرها في نقاط أساسية: مثل ضعف معدل القراءة الذي يتحكّم في عملية طباعة الكتب، ارتفاع أسعار الكتب الذي يجعل القارئ يحجم عن اقتناء الكتاب، توجّه القرّاء للكتاب الرقمي متى كان متاحا، إلى جانب غياب الدعم المادي لدور النشر وتذليل الصعوبات التي تواجهها.
وختم المتحدّث بقوله “إنّ ما تمّ ذكره إلاّ نقاط مختصرة تتعلّق بالكتاب وصناعته والتحدّيات التي يفرضها الواقع الراهن؛ إذ يستلزم تضافر الجهود للنهوض بهذا الشأن المهم بدءا من الجهات الوصية التي يجب عليها تبنّي المؤلّفين ودور النشر على حدّ سواء، لتبقى رايتنا قول المتنبي: “وأَعَزُّ مَكَانٍ في الدُّنَى سَرْجُ سَابِحٍ وَخَيْرُ جَلِيْسٍ في الزَّمانِ كِتاب”.