ترى الدكتورة فايزة أحمد خمقاني أنّ صناعة الكتاب، في الجزائر تحتاج إلى نهضة ثقافية متكاملة تستند إلى رؤية شاملة. وأشارت في تصريحها لـ«الشعب” إلى ضرورة تبنّي سياسات وطنية تُعلي من شأن الكتاب.
أكّدت الدكتورة فايزة أحمد خمڨاني، أنّ صناعة الكتاب في الجزائر تعيش مفارقة تجمع بين الأمل والتحدّيات. وقالت “فمن ناحية، تتزايد دور النشر، وتتنوّع الإصدارات، ممّا يعكس حيويةً ثقافية وتطلّعًا نحو إثراء المشهد الأدبي. ومن ناحية أخرى، تقف هذه الصناعة أمام عقبات كبيرة، لعلّ أبرزها غياب رؤية استراتيجية شاملة تضع الكتاب في صلب الاهتمام الوطني.”
ولفتت خمقاني، إلى أنّه رغم الجهود الفردية لعدد من الكتّاب والناشرين، إلا أنّ القطاع يبقى بحاجة إلى تنسيق أعمق بين مختلف الفاعلين الثقافيين، ليجد الكتاب الجزائري مكانه اللائق في الداخل والخارج.
وذكرت المتحدّثة إنّ صناعة الكتاب في الجزائر تواجه معركة متعدّدة الأوجه. “اقتصاديًا، يعاني القطاع من ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف القدرة الشرائية لدى المواطن، ممّا يجعل الكتاب رفاهية بالنسبة للكثيرين. ثقافيًا، تتراجع عادة القراءة أمام المدّ الرقمي والإعلام الجديد، حيث أصبحت الشاشة منافسًا شرسًا للورق. أمّا من الناحية التشريعية، فيعاني الكتّاب والناشرون من غياب قوانين فعّالة تحمي حقوق الملكية الفكرية، ممّا يفسح المجال للقرصنة وسوء التنظيم. دوليًا، يبقى الكتاب الجزائري أسير المحلية، بسبب ضعف الترجمة والترويج في المحافل العالمية، ممّا يحدّ من فرص انتشاره” توضح فايزة خمقاني.
ولتجاوز التحدّيات التي تواجهها صناعة الكتاب، أشارت ذات الدكتورة، إلى أنّ الجزائر تحتاج إلى نهضة ثقافية متكاملة تستند إلى رؤية شاملة. مؤكّدة أنّ البداية تكون بتبنّي سياسات وطنية تُعلي من شأن الكتاب، سواء عبر تفعيل الدعم المباشر للكتاب ودور النشر أو من خلال تنظيم معارض وطنية تُبرز قيمة الإنتاج الأدبي المحلي. “كما أنّ تحديث شبكات التوزيع يُعدّ ضرورة ملحّة، لضمان وصول الكتب إلى جميع المناطق، مع تفعيل دور المكتبات العامة والخاصّة كفضاءات للقراءة والنقاش.” تقول خمقاني.
وأضافت “الابتكار يمثل ركيزة جوهرية للتطوير، من خلال التوجّه نحو الكتاب الرقمي واستثمار التكنولوجيا الحديثة لجذب الأجيال الشابة، خاصّةً في عصر باتت فيه الوسائط الرقمية جزءًا من الحياة اليومية. وتسهيل اقتناء الكتاب الرقمي وترسيم طرق تسهّل التجارة الإلكترونية وطرق الدفع آليا”.
وعلى الصعيد الدولي، تقول “تبقى ترجمة الأعمال الجزائرية إلى لغات أخرى خطوة محورية لفتح أبواب العالمية أمام الكتاب الجزائري. إضافةً إلى ذلك، يجب تسهيل مشاركة دور النشر الجزائرية في المعارض الدولية الكبرى، حيث تمثل هذه الفعّاليات منصّات مثالية للترويج للإنتاج الثقافي الوطني، وبناء جسور للتعاون مع الناشرين والكتّاب من مختلف أنحاء العالم”.