تعتبر الدكتورة خديجة باللودمو، الكتاب بأنّه النافذة التي يطلّ منها الإنسان على مختلف العوالم التي يريد التعرّف عليها، وشغفه بالكتاب يجعله يهتمّ به ويتابع جديده وأخباره، وتؤكّد الأستاذة الجامعية بجامعة الحاج موسى أخاموك تمنغست، إنّ الحديث عن واقع صناعة الكتاب يجعلنا ننطلق من محاولة قراءة آخر عرس كتابي، والمتمثل في الصالون الدولي للكتاب..
تقول الدكتورة خديجة باللودمو إنّه مع اطّلاعنا على منشورات دور النشر الجزائرية، نلاحظ تركيز أغلبها على شطر النشر دون التوزيع، وهو ما يجعل الكتاب لا يعرف ترويجا واحتفاء يليق به، وتنتهي علاقة الناشر بالكاتب بمجرد أن يسلّمه نسخه ليوكل إليه مهمّة إشهار كتابه والتعريف به، وهي حالة غير صحية ـ حسب المتحدّثة ـ تجعل من الكتاب حبيس الأدراج والرفوف التي تزيده بعدا من القارئ، وتبقى المهمّة الأصعب للكاتب الذي يُطالب بالقيام بأصعب مهمّة وهي تقريب الكتاب إلى جمهور القرّاء والمهتمّين به.
في السياق نفسه، تطرّقت خديجة باللودمو في حديثها، إلى التحدّيات المرافقة لصناعة الكتاب في عصرنا هذا، والتي حسبها لا تتعلّق بنوعية الورق أو جودة الإخراج، لكنّها تتعلّق كما أشارت سلفا بعملية توزيع الكتاب والتعريف به، فالتحدّي الحقيقي، في وجهة رأيها، هو إيصال الكتاب للقارئ والتعريف به، مؤكّدة بأنّه لا جدوى لنشر الكتب إن لم تقم بدورها الأساسي وهو تنوير القرّاء وإثراء رصيدهم المعرفي في شتى المجالات، فالتحدّيات الراهنة لصناعة الكتاب هي ما بعد عملية صناعته وإخراجه وقد استطاعت دور نشر جزائرية الاحتفاء بإصداراتها وعقد جلسات بيع بالإهداء لمؤلّفيها، وهو تقليد محفّز للكاتب وللقارئ حتى يلتقي مع الكاتب وجها لوجه دون قيد ويتبادلان أطراف الحديث والأفكار.
وتؤكّد الشاعرة والكاتبة باللودمو، في سياق آخر أنّ صناعة الكتاب في الجزائر تتطلّب جهودا أكبر تتعلّق بشكل رئيسي بضمان حضور الكتاب في المكتبات الجزائرية وخارجها، رغم أنّ كثرة دور النشر لا تدعو إلى الافتخار والمباهاة ـ حسبها ـ بل إنّ كثرتها ساهمت في نفور القرّاء من الكتاب نظرا لرداءة المواضيع وسوء الطباعة، وهو ما يفتح التساؤل حول أهمية تفعيل لجان القراءة في دور النشر، بانتقاء مهتمّين حقيقيين وأساتذة أكفّاء يقيّمون الكتاب ويحكمون على أحقّيته في النشر، وهي أحد أهم سبل تطوير صناعة الكتاب بالجزائر، وقالت “فليس كلّ كتاب يستحقّ أن يخرج للجمهور ويصل إليهم”.
فالكتاب في الجزائر تضيف المتحدّثة، يفتقد إلى جمهوره، ولعلّ دور النشر ساهمت من حيث لم تقصد في توسيع الفجوة بين الكتاب والقرّاء، رغم أنّ صناعة الكتاب بالجزائر تعرف إقبالا من طرف الناشرين الذين يرون فيها مشروعا مربحا، ولكنّها تفتقد الناشرين الحقيقيين الذين يؤمنون بالكتاب وجودته ومهمّة التعريف به.