أكّد الدكتور مشري بن خليفة أنّه حين استعاد في كتابه “عودة النصّ” الصادر عن وزارة الثقافة والفنون، مقالات نشرت في الثمانينيات، وبعد قراءة وتمحيص وجد بأنّ القضايا التي طرحها سواء كانت نقدية أو أدبية أو ثقافية مازالت قائمة لحدّ الآن.
عبّر الدكتور مشري بن خليفة لـ«الشعب” على هامش تنشيطه لندوة أدبية في إطار الجلسة 29 من جلسات منتدى الكتاب بالمكتبة الرئيسية للمطالعة بالعاصمة، عن سعادته كونه استعاد كلّ هذه المقالات التي كانت مبعثرة، قائلا “أتممت مراجعتها وتمحيصها في أواخر 2022 ونشرتها على شكل كتاب جامع شامل في 2023، بدعم من وزارة الثقافة والفنون، وهي جزء يسير من المقالات التي نشرتها في الصفحات الثقافية في الجرائد والمجلات الوطنية أبرزها جريدة الشعب وأضواء والمجاهد الأسبوعي، باعتبارها محطات إعلامية احتضنت قلمي، ونال رضاها وأضاف لها الكثير رفقة ثلّة من الصحافيين برتبة كتّاب، أدباء، شعراء ونقّاد”.
وأوضح بأنّه أراد من خلال كتابه “عودة النصّ”، استعادة الماضي الشاهد على مرحلة زمنية معيّنة، وفي نفس الوقت يطرح قضايا جوهرية مازالت مطروحة لحدّ الآن، وأفاد بأنّ أهم المواضيع التي ركّز عليها في الكتاب وذلك وفق أربعة أقسام (شعر، سرديات، نقد أدبي، نقد ثقافي)، تضمّنت على غرار “الثقافة الوطنية” كلّ من “المسرح الإفريقي”، “التجريب في الرواية الجزائرية”، “مناهج النقد”، “الشعر والعولمة”.
وفي سياق متصل، استعرض بن خليفة من خلال أسئلة جوهرية طرحها عليه الشاعر عمر عاشور مدير الجلسة، شريط ذكريات الماضي وتحوّلات الحاضر ورؤية المستقبل، حيث ناقش فيه مع الحضور النّوعي عديد القضايا، انطلاقا من محتويات إصداراته “عودة النصّ” وسلطة النصّ”، كما تحدّث عن تجربته في الإعلام الثقافي، وتجربته في الكتابة منذ نهاية السبعينيات إلى مرحلة الثمانينيات، وصولا إلى الحديث عن هذا الجيل الذي كما وصفه بن خليفة بأنّه “جاء برؤية جديدة وتجربة مغايرة”.
من جانب آخر، تطرّق ضيف المكتبة، وبإسهاب إلى المناهج النقدية الحديثة النسقية، ومقاربتها للنصّ الأدبي شعريا وسرديا، وفي إطار حديثه عن ظاهرة انتقال بعض الشعراء حاليا إلى كتابة الرواية، اعتبر الدكتور مشري بن خليفة بأنّ هذا الانتقال بالرغم من أنّه كشف عن شروط الكتابة المتعدّدة والمختلفة، إلا أنّها متاحة للمبدعين، خاصّة إذا أبانوا عن مقدرة في الانتقال من حقل إلى آخر، وأفاد بأنّه لا حدود في الإبداع، وأنّ كلّ هذه المحاولات ـ حسبه ـ هي ثراء للخطاب السردي العربي عموما والجزائري خصوصا.
وفي ذات السياق، ختم مشري بقوله “المهم في هذا الانتقال أن يكون الكاتب متمكّنا من أدواته ومدركا لطبيعة السرد وبنائه، على اعتبار أنّ الرواية لها خصوصيتها السردية، وبحكم أنّ الرواية مرتبطة بالمدينة، فإنّ الشعر أيضا مرتبط بالإنسان، ومادام مدار الشعر والرواية هو الإنسان، فإنّهما يغرفان من منبع واحد، ـ يقول المتحدّث ـ وعليه فالشعر لن يشهد اضمحلالا أبدا ولن ينتهي، على الرغم من أنّ بعض النقّاد يرون أنّ الرواية أصبحت هي ديوان العصر، وهذه المقولة بها شطط، لأنّني أؤمن أنّ الكتابة مهما يكن نوعها هي إضافة نوعية للثقافة الإنسانية”.