اختصر اعتذار الرّوائي الكبير واسيني الأعرج في عدم حضوره لفعاليات المهرجان الوطني لأدب وسينما المرأة المقام بمدينة سعيدة كل شيء، وشخّص من خلاله داءات الثقافة أو بعبارة أصح أمراض التسيير الثقافي التي يجب مواجهتها واستئصالها من المشهد الثقافي، حتى لا تكون سببا في تأخرنا عن الركب العربي والغربي إن استطعنا إليه سبيلا.
كيف نفكّر في استثمار ثقافي ناجح بعيدا عن الارتجالية والاتكالية؟ تساؤل مرهون بشرطين أساسيين وهما الإرادة الفاعلة الخلاّقة، ثم التسيير الممنهج وفق أدبيات معروفة نتائجها سلفا دون القفز فوق خطوط التماس.
يراهن خطاب الثقافة على استحداث بدائل ضامنة لاستمرار الفعل الإبداعي بأقل التكاليف وأوفرها، وهذا الرّهان يعتمد في مجمله على استحداث شركاء الثقافة من مستثمرين ورجال أعمال جادين في التزاماتهم، كما هو معمول به في دول الجوار المغرب والمشرق، يشاركون الثقافة همومها ويخرجونها من دائرة التمويل الواحد الأحد إلى التمويل المتعدد.
خسر الجمهور العريض من متابعي الشأن الثقافي وطلاب الجامعة حضور قامة روائية في مقام الأعرج واسيني، وتمّ حرمانهم من مداخلته في ندوة «الرواية في مواجهة حاضرها..تحولاتها وبنياتها ورؤاها».
بالرغم من التزام المتدخّل بالحضور إلى سعيدة، بعد أن قام بتأجيل امتحانات طلبته في جامعة السوربون بفرنسا، ولأكثر من شهر وهو ينتظر بطاقة السفر التي لم تصله حتى اللحظة، لأن الشّريك تأخّر في التزاماته والمنظّمون لم يكلّفوا أنفسهم إيجاد مخارج أخرى، مثل هذه السلوكيات لا نجد لها مثلا في دول الجوار، ولا حتى تلك التي هي في عز الحروب، لأن الالتزام في قاموسهم صمّام الأمان، وبمثل هذه الممارسات الفاشلة يدفع الجمهور ضريبة الإتكالية والتهاون، وتقصى فواعل المشهد الثقافي في معادلة المنظم والشريك.