صنعت مسرحية «استغاثة أرض» الفرجة بقاعة المسرح الجهوي كاتب ياسين بتيزي وزو، كما أثارت انتباه وحماس الجمهور الذي كان في الموعد لمتابعة أحداث هذا العمل الفني الذي قدمته الفرقة المسرحية التابعة للجمعية الثقافية «ثوسنا» إحياء للذكرى 61 لمظاهرات 11 ديسمبر 1960.
«استغاثة أرض» عمل مسرحي كتبه كل من مالك قوازي وحكيم بركان، الذين شرعا في إعداده منذ 2012، ليترجم إلى عمل فني مسرحي بعدما تمّ التحضير له من طرف الممثلين الذين اختيروا لأداء مختلف الأدوار لقرابة عام ونصف، ليعرف هذا العمل النور تزامنا مع الذكرى 61 لمظاهرات 11 ديسمبر 1960.
فقد كان ركح المسرح الجهوي كاتب ياسين، فضاء استرجع فيه جمهور الفنّ الرابع أحداث ثورة التحرير المجيدة، من خلال المسرحية التي طغى عليها الأسلوب الدرامي الذي أراده المخرج «قوازي مالك» لإيصال رسالته إلى الجمهور ودغدغة مشاعرهم، التي ظهرت جليا من خلال تفاعلهم الكبير مع أحداث المسرحية وصلت إلى حدّ ذرف الدموع، خاصة شباب الجيل الحالي والذين لم يتحمل الكثير منهم مشاهد القتل والتنكيل بالمجاهدين، إلى جانب ترميل النساء وتيتيم الأطفال، الأمر الذي أثار أيضا مشاعر الغضب لدى العديد منهم، خاصة مع مشاهد الخيانة من طرف «الحركى» الذين باعوا الوطن وكل قيمهم من أجل حفنة من المال والامتيازات.
أحداث المسرحية..
كما وفق الممثلون كثيرا في أدائهم، حيث كانت مشاهدهم ناجحة وتمكنوا من تقمّص أدوارهم بكل احترافية، جعلت الجمهور الحاضر بالقاعة يتعايش مع أحداث المسرحية، التي كانت مشاهدها عبارة عن كمين وضع للمجاهدين ليستشهد «العربي» تاركا وراءه ولدين وزوجته التي تستيقظ على فاجعة وفاته بعدما أوصاها قبل التحاقه بالثورة برعاية أطفاله في حالة استشهاده.
إبن الشهيد العربي يقرر الانتقام لوالده وتحرير وطنه من المستعمر، ليحمل هو الآخر سلاح والده ويلتحق بالمجاهدين، ولكنه بعد فترة يلقى عليه القبض بعد تعرضه للخيانة من قبل أحد الحركي بخيانته ويخبر المستعمر عن مكانه ليقوموا باقتياده إلى بيته العائلي، من أجل استنطاقه والحصول على معلومات منه وهذا تحت طائلة التعذيب، إلا أنه رفض ذلك ليقوموا بقتله أمام مرأى من والدته وشقيقته، لتتواصل وحشية جنود الاستعمار بقتل والدته أيضا لتبقى الإبنة يتيمة ووحيدة، وتعطى أوامر من طرف القائد الفرنسي بإخلاء المكان في الوقت الذي بقي هو داخل المنزل ليبحث عن أيّ وثائق تدله على خطط المجاهدين، ليصاب بعدها بطعنة من طرف أحد المجاهدين الذي كان مصابا في المكان، ويرديه قتيلا ليموت هو الآخر بعدما صدح صوته عاليا «تحيا الجزائر»..
ليسدل الستار تحت تصفيقات وزغاريد الجمهور الحاضر بالقاعة، والذين أجمعوا على نجاح هذا العمل الفني والمسرحي الذي جسّد فعلا أحداث ثورة التحرير ووحشية المستعمر، حيث صرح العديد منهم أنهم عايشوا أحداث الثورة من خلال هذه المسرحية، كما عايشوا كفاح المجاهدون الذين قدموا النفس والنفيس لاستقلال الجزائر، في رسالة منهم إلى أنّ الجزائر تبقى شامخة، في حين، عبر البعض الآخر عن تأثرهم الشديد لمشاهد المسرحية التي أبكتهم فعلا وأيقظت فيهم مشاعر الوطنية والفخر بثورة التحرير التي ولدت الاستقلال، وأنه لا شيء يعلو عن الوطن.