دعوة للحفاظ على الموروث الفني

تيزي وزو تستذكر الفنان «موحيا»

تيزي وزو: نيليا - م

شهد ركح القاعة الكبرى لدار الثقافة مولود معمري بتيزي وزو والمسرح الجهوي كاتب ياسين على مدار يومين، إحياء الذكرى الـ 17 لرحيل أحد أعمدة الفن الجزائري محند اويحيى الملقّب «بموحيا»، الذي عُرف بثقافته الملتزمة، وخدم بقلمه وفكره اللغة الأمازيغية، ليشق هذا المبدع الأمازيغي طريقه في مشواره الفني بكل ثبات وهدوء بعيدا عن الأضواء.
 اتّسم «موحيا» بالتواضع في حياته التي عاشها لتحقيق حلمه المنشود في إثراء الأدب الأمازيغي بالإبداع والترجمة، وهكذا قضى حياته إلى أن رحل وفقدته الساحة الفنية في الجزائر والعالم ليحصد المجد بعد الرحيل، وهو ما يظهر جليا في تأثر الجيل الحالي به، والذين تبنّوا أفكاره وتقمّصوا شخصيته، التي تتجسد على ركح قاعات العرض والمسرح، على حد قول الفنان الحكيم لونيس آيت منقلات:» لقد فقدنا أحد أخيارنا، إنه القدر، وعزاؤنا فيما تركه من إبداع».
 
أشهر نصوصه الشّعرية

الذكرى الـ 17 لرحيل الفنان المبدع «موحيا» كانت مخالفة للتكريمات التي سبقت، حيث ارتأت مديرية الثقافة لتيزي وزو أن يكون ركح القاعة الكبرى لدار الثقافة مولود معمري لوحة فنية لأشهر النصوص الشعرية التي كتبها موحيا، وحوّلها أشهر الفنانين في تيزي وزو إلى أجمل الأغاني التي صدحت بها حناجرهم وتفاعل معها الجمهور الحاضر بالقاعة، والذي استمتع مطولا بهذه الأغاني التي حفظوها وشاركوا الفنانين في أدائها، وهي الغاية من إحياء هذه الذكرى التي كانت على شرف عائلة موحيا.  
وفي هذا الشأن، قالت مديرة الثقافة لولاية تيزي وزو، نبيلة قومزيان، بأنّ ذكرى رحيل الفنان موحيا مؤلمة، لتضيف بأنّ شخصية مثله لا تموت كونه ترك موروثا ثقافيا يجب أن تتعرف عليه الجزائر والعالم، كما أنّه حمل رسالة الفن على عاتقه، من خلال إبداعاته الفنية التي تفرّد بها عن أقرانه من الفنانين في مختلف المجالات منها الترجمة، المسرح والشعر، مشيرة إلى أن العديد من الفنانين وشباب الجيل الحالي تأثروا بفنه وبالرصيد الثقافي الذي تركه.
مديرة الثقافة لولاية تيزي وزو عرجت على المشوار الفني لموحيا، مؤكّدة على أنّه أحد ركائز الفن الجزائري الذي عرف بسخائه وتواضعه، لذا وجب العمل على إحياء فنه وإعطائه قيمته الحقيقية، لأنه لعب دورا كبيرا في إحياء الثقافة والهوية الأمازيغية بطريقته المختلفة والتي ميزته عن باقي الفنانين، وأضافت بأن موحيا هو الفنان الشعبي الذي سكن قلوب محبّيه والمعجبين بفنه، والذين لبوا الدعوة من أجل المشاركة في إحياء الذكرى السابعة عشرة لرحيله، من خلال التغني بأجمل أشعاره التي أعادتهم وأعادت موحيا معهم إلى خشبة المسرح، داعية في نفس السياق أن تكون هناك أبحاث حول شعره سواء في الجامعة وحتى المدارس ليتربى الأطفال على شعره الشعبي، خاصة وأنه قد ترك موروثا إبداعيا وإنتاجا غزيرا وجب على مسؤولي الثقافة رعايته، وإخراجه من الظل إلى النور بإعادة طبعه ونشره.

سين ني (اثنين) تلهب الرّكح
 
 استقطبت مسرحية «سين ني» التي عرضت على ركح المسرح الجهوي كاتب ياسين بتيزي وزو جمهورا كبيرا، والتي تفاعل معها نظرا لموضوع المسرحية الهادف الذي كتبه موحيا، وأخرجه المخرج صادق يوسفي، وقام بأداء أدوارها على خشبة المسرح الممثلين راحموني اوزيان ويلالي محند اوزيان، اللذين عملا على إبراز الحياة المزرية التي يعيشها المغتربون الجزائريون في فرنسا، وهي نفس معاناة موحيا.
وقد جاءت المسرحية بأسلوب فكاهي، هزلي، ساخر ومليء برسائل هادفة ومغزى قوي حول الظروف القاسية التي يعيشها الجزائريون في ديار الغربة وهم يلهثون وراء لقمة العيش، والجري وراء وهم تغيير الظروف لتمر السنين دون وعي منهم بأنها تسرق منهم حياتهم قبل أحلامهم، والتي غالبا ما تضييع في أزقة الحياة.  

عرفان وتكريم

صرّح راحموني اوزيان أنّ العرض المسرحي لـ «سين ني» هو تكريم لموحيا في الذكرى الـ 17 لرحيله، معبرا عن سعادته وفرحه لتكريمه من خلال أعماله وإبداعاته الفنية، مضيفا بأنّ محند اويحيى ليس ليوم واحد فقط وإنما لكل الأيام، كونه يعيش دائما في حياتهم التي يعيشونها من خلال فنه وما كتبه.  
الكوميدي راحموني اوزيان الذي لعب دور العامل البسيط الذي تغرّب من أجل لقمة العيش وتحسين ظروف عائلته، أشار إلى أنّ فرقتهم المسرحية «تعاونية ماشاهو» «ايفارحونن» كرمت محند اويحيى من خلال مسرحية «سين ني» التي ذاع صيتها في مختلف ولايات الوطن وتحصلت على عديد الجوائز، حيث عبر بقوله «أخذنا محند أويحيى وأخذناه معنا في كل ربوع الوطن».
في حين قال الكوميدي يلالي محند اوزيان إنهم كرموا موحيا من خلال نص مسرحيته «سين ني»، مشيرا إلى أنهم عادوا إلى خشبة المسرح من خلال الذكرى الـ 17 لرحيل موحيا، كما أفاد المخرج صادق يوسفي بأن مسرحية «سين ني» هي من اقتباس وترجمة موحيا لـ «مغترو روزيك»، مؤكدا أن «مغترون» هي كلمة عالمية ومشهورة، أرادوا إعطاءها وجها جديدا بإضفاء الطريقة التقنية عليها.  
وأضاف المخرج أنّ موحيا أكد لهم على إمكانية تجسيد الأعمال الفنية والمسرحيات الناطقة باللغة الامازيغية على خشبة المسارح، قائلا «موحيا يبقى في ذاكرة الجميع من خلال إبداعاته الفنية».  
للعلم لقيت مسرحية «سين ني» تفاعلا كبيرا من قبل الجمهور، وإعجابهم بهذا العمل المسرحي الذي أبرز إبداع موحيا في اقتباسه وترجمته إلى اللغة الأمازيغية، ثم تحويلها إلى عمل مسرحي ناجح، خدم الموضوع، حيث تمكّن القائمون على هذا العمل الفني من إيصال الرسالة الهادفة التي أرادها موحيا بتسليط الضوء على المغتربين.  
وقد زادت تقنية الصوت والضوء التي قام بتركيبها «مساني يحيى» من إنجاح هذا العمل المسرحي، حيث كانت كل تقنياته وتدخلاته ناجحة وأضفت جمالية على ديكور الخشبة التي كانت مجرد غرفة جمعت معاناة شخصيتين في بلاد الغربة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024