صدرت للكاتبة حكيمة جريبيع مجموعة قصصية تحمل عنوان «آخر ما تبقّى» عن دار رومانس القرن 21، مكوّنة من 150 صفحة من الحجم المتوسط، تدور أحداث الأربعة عشر نصا قصصيا في يوميات متنقلة تبدأ أحداثها بـ «انهيار مملكة الورق»، ثم «طعنة الباب..غرزة الحب» إلى «لاجئة تنتعل الجمر» و»مرافىء الحنين» وصولا إلى «تواقيع غيمة ربيع»، وكلها تروي شخوصا معينة تتقاسم الحقيقة والخيال.
حمل غلاف المجموعة لوحة فنية تعدّدت ألوانها، وإن كان اللون الأزرق الغالب على مضمونها، في إشارة إلى الأفق الممتد عبر السماء اللامتناهية، وأسفل منه رحلة بحرية على متن قارب خشبي، تضم مجموعة من الركاب لم تحدد هويتهم أو نوعية الرحلة المقصودة بالصورة، هل هي جولة ترفيهية أو تتعلق بالحرقة في إطار الهجرة غير الشرعية، وعلى حواف مرفأ بسيط، هناك يظهر مقعد خشبي شاغر، وعلى بعد أمتار منه فتاة تتوسّد الأرض، في إشارة إلى طول انتظار لمن هم وراء البحر أو أنّها لحظة مهرّبة توحي بانتكاسة عاطفية ولحظات لا ينفع معها الندم. إيحاءات الصورة لم تكن مشرعة كما هو البحر، بل عكست نفسية الكاتبة في تناغم مع عناوين المجموعة المتبقية انكسارات الوداع الأخير «تراتيل امرأة طعنها البحر»، «ميلاد يد»، «لعنة الرقم خمسة عشر»، «معزوفة الأصابع»، «ما وراء النبض»، «الكراسي الفارغة»، «ما تبقى من هامتي»، «شاعرة مع وقف التنفيذ».
جاءت مواضيع المجموعة مختلفة في أبعادها الاجتماعية والسياسية وحتى الثقافية، وحول ذلك تقول القاصة حكيمة جريبيع، أنّ «انحسار القراءة وتراجع الكتاب فكرة تناولتها في قصة انهيار مملكة الورق، كذا إلقاء الأم في دار العجزة موضوع تناولته قصة طعنة الباب غرزة الحب، أما موضوع الهجرة غير الشرعية أو الحرقة تناولته في قصة تراتيل امرأة طعنها البحر، حيث أنّ الأم احترق قلبها على ابنها وهي تقف يوميا على المرفأ ترقب عودته».
تناولت القاصة جريبيع من خلال مجموعتها القصصية «آخر ما تبقى» قضية الإرهاب، وما تركته هذه الظاهرة من آثار بليغة على النفوس البشرية بمختلف الأعمار، وانعكاساتها الجريحة والدامية كل لحظة يتذكر من خلالها الإنسان أنه فقد أخا أو صديقا أو فردا من الأسرة، لذلك اختارت في نصيها «الكراسي الفارغة» و»تواقيع غيمة ربيع» الدمار الذي لحق بالأسر والمجتمعات بأكملها، أما قصة «شاعرة مع وقف التنفيذ» فقد طرحت تأثير الجانب الاجتماعي على المرأة الشاعرة بعد الزواج عندما تتخلى عن الكتابة أمام حصار الواقع والقهر الذكوري، في إشارة إلى الشواعر اللواتي طلقن الكتابة تحت هذه القيود، ثم الاستفاقة بعد سنوات من القطيعة المرغمة ومحاولات العودة إلى بيئتهن الأولى في عوالم الإبداع والكتابة.
للإشارة، الكاتبة حكيمة جريبيع من مواليد مدينة عين امليلة، متحصلة على شهادة ليسانس في اللغة العربية وآدابها من جامعة قسنطينة، وتحضّر حاليا للدراسات العليا، تشغل منصب أستاذة أدب عربي بالتعليم الثانوي، نالت عدة جوائز وطنية ودولية في القصة القصيرة من بينها جائزة البحر الأبيض لمتوسط الكبرى بمرسيليا، التي نظّمها منتدى نساء البحر الأبيض المتوسط بفرنسا سنة 2000 عن قصتها «بقايا امرأة»، بالإضافة إلى «جائزة من مجلة مصر الأدبية برعاية جماعة التكية في القصة القصيرة جدا، الجائزة الثانية في القصة التاريخية، وهي عضو لجنة تحكيم مهرجان همسة الدولي بمصر لنصوص القصة القصيرة والخاطرة سنة 2019 م.
للتذكير، صدر لها بعض الأعمال الأدبية القصصية من بينها «جزر الروح»، «مصادرة الوتر»، «أنثى الجمر»، أما في الرواية فقد صدر لها «في ضيافة زوربا».