قدّم الدكتور عبد المجيد رمضان، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قاصدي مرباح ورقلة رؤية حول الهجرة الجزائرية إلى فرنسا منذ نهايات القرن التاسع عشر إلى اليوم، مبيّنا ظروفها وأسبابها، معتبرا أن «العلاقات بين الجزائر وفرنسا مستمرة وتحكمها روابط قديمة».
قال المتحدث، إنه على الرغم من هيمنتها على العلاقة الاستعمارية، ما ساهم في موجات متلاحقة للمهاجرين الجزائريين، إلا أن الهجرة الجزائرية قد تنوّعت من فترة إلى أخرى، حيث كانت في أول الأمر لأسباب اقتصادية طلبا للعمل، وتمركزت حول المدن الفرنسية الكبرى خصوصا باريس العاصمة.
وفي سياق مداخلة له قدمها حول الموضوع، خلال ندوة وطنية نظمت بكلية العلوم السياسية بجامعة قاصدي مرباح بورقلة، أشار إلى أن ظاهرة الهجرة الجزائرية نحو فرنسا، شهدت فترات متباينة خلال النصف الأول من القرن العشرين، وتزايدت في النصف الثاني خصوصا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وتحديدا بين سنوات (1945-1975)، حيث عرفت تلك الفترة ازدهارا اقتصاديا بارزا على الصعيد الأوروبي والعالمي وتغيرت بعد ذلك طبيعة الهجرة الجزائرية إلى فرنسا، التي أخذت طابع لم شمل الأسرة كما تحوّلت في بداية التسعينيات إلى هجرة ذات طابع انتقائي، حيث هاجر عدد كبير من رجال النخبة والفكر ومنهم الأساتذة والأطباء والمهندسون.
واعتمادا على أرقام وإحصائيات، أبرز المتدخل، أن النظام الفرنسي اعتمد على الهجرة الجزائرية من أجل خدمة مصالحه الاقتصادية والعسكرية، وزجّ بعدد كبير من أبناء الجزائر في الحربين العالميتين الأولى والثانية، مختتما قوله إنه ومن من أجل مراعاة التغيرات في قوانين البلدين، اتفقت الحكومة الجزائرية ونظيرتها الفرنسية في عام 1968، على اتفاقيات ثنائية تخصّ تنقل الأشخاص والتوظيف والتشغيل والإقامة في فرنسا للمواطنين الجزائريين وعائلاتهم، وقد شهدت هذه الاتفاقيات في وقت لاحق بعض التعديلات، تبعا للظروف المستجدة في كلا البلدين.
نقطة أخرى مهمة، عرّج عليها الدكتور عبد المجيد رمضان وهي تنامي الوعي السياسي لدى المهاجرين الجزائريين بفرنسا، عقب الحرب العالمية الثانية ومواكبتهم للنهضة السياسية التي شهدتها الجزائر، قبل وأثناء الحرب التحريرية المباركة، ومشاركتهم فيها بزعزعة النظام الفرنسي في أرضه بعمليات فدائية ووقفتهم التاريخية في مظاهرات 17 أكتوبر 1961.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الندوة الوطنية التي نظّمها «مخبر إشكالية التحوّل السياسي والاقتصادي بكلية الحقوق والعلوم السياسية» بجامعة ورقلة حول «تاريخ العلاقات الجزائرية الفرنسية»، كانت تهدف إلى تقديم محاضرات علمية متعلقة بأهم المحطات التاريخية للعلاقات الجزائرية الفرنسية، لفائدة طلبة الحقوق والعلوم السياسية، وهذا من أجل توفير الأجواء العلمية والأكاديمية المناسبة لتبادل الأفكار والنقاشات العلمية البناءة.