أشرفت وزيرة الثقافة والفنون وفاء شعلال أول أمس بالمكتبة الوطنية الحامة بالجزائر العاصمة على الدخول الأدبي وافتتاح أشغال الندوة العلمية حول «المقاومة والثورة بالمكتبة الوطنية»، المندرجة في إطار الذكرى الـ67 لثورة التحرير والذكرى 189 لمبايعة الأمير عبد القادر، والتي حضرها كل من مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالأرشيف الوطني والذاكرة الوطنية عبد المجيد شيخي والمكلف بالثقافة والسمعي البصري أحمد راشدي، بالإضافة لعدد من مسؤولي المؤسسات الثقافية والأدباء والباحثين.
أكدت الوزيرة في كلمتها الافتتاحية، أن سنة 2022 ستكون حافلة بالفعاليات الأدبية والفكرية والانجازات في مجال النشر والتوزيع ، كما حيّت بالمناسبة الأدباء الذين تألقوا في المحافل الأدبية أمثال الدكتور عبد الملك مرتاض الذي حاز مؤخرا على جائزة العويس.
وفي ذات الصدد، ذكرت وفاء شعلال أن هذا الدخول الثقافي يأتي بعد الاحتفال بالذكرى 67 للثورة المجيدة، وفي سياق الاحتفاء بذكرى 189 لمبايعة الأمير عبد القادر، وهما محطتان تاريخيتان في ذاكرة الأمة، مشيدة بالدور المحوري الذي يلعبه المثقفون في تحسين مقومات الأمة والإبقاء على شخصياتها الوطنية والحفاظ على عقيدتها اللغوية، وكذا إسهاماتهم في مواجهة الغزو الثقافي الاستعماري.
وأضافت أن الثقافة هي المرأة التي تعكس أصابعنا والخصم المنيع الذي يرصّ وحدة الشعب والأمة، وقد أولاها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون العناية الفائقة بجعلها رافدة للتنمية الوطنية.
وقد نشّط الندوة باحثون وأكاديميون من مختلف جامعات الوطن، حيث سلّطوا الضوء على جوانب عدة من مقاومة الأمير عبد القادر ضد الاحتلال الفرنسي، وتأسيسه للدولة الجزائرية الحديثة، والخصائص التي تميزت بها شخصيته ومواقفه الإنسانية.
من جهته قال الدكتور بوزيد بومدين «بمثل هذه الندوات نستطيع إعادة ترتيب الأمير عبد القادر ضمن السياقات التاريخية والمعرفية، لأن علاقتنا بالتاريخ علاقة مشوّشة في الغالب، تحتاج إلى إعادة الترميم، فنحن لا نقرأ الحدث في سياقاته التاريخية والمعرفية والسوسيولوجية، وإنما نقرأه بأعيننا الملتبسة بالإيديولوجية أو بالصراعات».
كما ذكر بوزيد بومدين أن الأمير عبد القادر لم يكن يعمل على تحرير الأرض فقط، بل على تحرير النفس البشرية من الكراهية والبغض، فكان متسامحا مع المسيحيين والنصارى واليهود، وحتى علاقته بالحيوان والبيئة كانت خاصة.
وأشار الدكتور خليفي بشير من جامعة معسكر في مداخلته الموسومة «مظاهر التجديد في الفلسفة الحضارية عند الأمير عبد القادر» إلى ضرورة تفعيل الإرث الحضاري للأمير عبد القادر عن طريق قراءات واعية يقوم بها مختصون ومهتمون.
وأكد المتحدث، أنّ الأمير عبد القادر لم يكن مفكرا فحسب، وإنما كان أديبا وشاعرا وكاتب رسائل وإداري واستراتيجي، ويمكن تشبيهه بالزمردة التي يتغير لونها وشكلها بتغيير زاوية النظر إليها، كما أنه يعد علامة فارقة في تاريخ الإنسانية على مستوى الفكر والممارسة، فيجب التركيز على سيرته المعرفية والحياتية من منطلق اعتباره أسوة وقدوة.
وأبرز الدكتور بلغراس عبد الوهاب (كراسك) في مداخلته المعونة بـ»الفعل الإنساني والتجربة الصوفية عند الأمير عبد القادر» إن الأساس الفلسفي للخطاب الصوفي لدى الأمير عبد القادر تمثل في مدرسة ابن عربي والمفاهيم الصوفية المعبرة عن تجربته في الوجود والمتجلية في التاريخ، حيث اعتبر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ معلمه الأول، كما تحدث عن المقامات التي عاشها الأمير عبد القادر وعانى من تجربته معها، فكل موقف وحدث بسيرته الذاتية يعتبر سلوكا على طريق الوصول إلى الحقّ (مقاومته للمستعمر وما تحتويه من صبر، معاملته للأسرى، حمايته للمسيحيين، وحربه الشريفة الأخلاقية).
ومن جهته، قال الدكتور عبد الوهاب اوسليم من جامعة تيارت في مداخلته الموسومة «المجلس الوطني للثورة الجزائرية»، إن المجلس الوطني بدأ نشاطه وانفتاحه على جميع الفئات السياسية والاجتماعية في 1956، كما أنه لم يحافظ على دورية جلساته حيث شهد انقطاعا لمدة 3 سنوات من 1957 إلى 1960.
وأضاف المتحدث، أن المجلس الوطني للثورة خضع منذ البداية لسلطة لجنة التنسيق والتنفيذ ثم لسلطة الحكومة المؤقتة وأصبح تابعا لهما، رغم أن القوانين المصادق عليها بداية من سنة 1962 كانت قد جاءت بمبدأ فصل السلطات التشريعية والتنفيذية، كما أنه لم تكن تعرف كل القرارات التي اتخذها المجلس منذ 1957 حتى 1962 سبيلا للتطبيق والتنفيذ، شأنها شأن المهام التي أوكلت إلى بعض أجهزة الحكومة المؤقتة، والمصير نفسه عرفته مسألة تسيير الثورة من الداخل، وإدخال جيش الحدود إلى المعركة الحقيقية الدائرة على أرض الواقع.
كما تمّ بالمناسبة تدشين الموقع الإلكتروني «الجديد» للمكتبة الوطنية وإطلاق «بوابة للناشرين الجزائريين» بالإضافة إلى «مدونة للإيداع القانوني»، سيتاح فيها كل ما يصدر عن مصلحة الإيداع القانوني من مؤلفات جديدة.