من مجال الإبداع والابتكار إلى كتابة السيناريو.. مغامرتان تتأرجح بينهما مواهب المبدعة الشابة خولة خديجة بويران، التي شاركت مؤخرا في كتابة سيناريو سلسلة تليفزيونية بعنوان «حنا كيما هاك»، يرتقب أن تبرمج خلال شهر رمضان المقبل، عبر إحدى الفضائيات الوطنية الخاصة، والتي ستعالج بطريقة فكاهية هادفة عدة قضايا اجتماعية.
اعتبرت خولة خديجة بويران في تصريح لـ»الشعب» أن السيناريو والإخراج، عنصران أساسيان في أي عمل فني، وأن مزجهما معا ينتج عملا مختلفا، كما أن شعور المشاهد بذلك التمازج الرائع، القادر على توصيف الأحداث، هو من يحدّد نجاح العمل من عدمه..
وترى المبدعة الشابة أن السيناريو «عبارة عن حكاية مروية، وقصص مصورة في لقطات، يحاول الكاتب أو المؤلف من خلالها إيصال الفكرة للمشاهد، قصد التأثير عليه إيجابا أو سلبا».
السيناريو الحقيقي باب مفتوح على واقعنا.
إن التأثير الايجابي والهادف في المشاهد هو ما تسعى إليه السيناريست خولة خديجة بويران، من خلال أعمالها التي وصلت مند انطلاقتها في الكتابة سنة 2010 وإلى غاية اليوم إلى 50 سيناريو، تناولت من خلالها مواضيع متنوعة، وقامت ببيع معظمها على منصة إلكترونية عبر الإنترنت من أجل تمويل أعمالها الأخرى في مجال الابتكار العلمي.
وأشارت في هذا الصدد أن «السيناريو الحقيقي هو باب مفتوح على واقعنا، وهو القادر على تصوير الواقع كما نعيشه ونحياه لا كما نتخيله ونتمناه، فمن خلاله يمكننا وصف مشاكل وتحديات المجتمع في جو من الدراما أو الفكاهة»، الأمر الذي تضيف «يجعل المتلقي يشعر أنه يشاهد أشياء تخّصه وتفاصيل تعنيه، يؤديها طاقم من الممثلين يعيش نفس المعاناة ويقاسمه نفس الأفكار والتطلعات، الأمر الذي يدفعه للاطمئنان على نفسه، لأنه ليس وحده في هذا العالم».
وأكدت المتحدثة أن «الحياة أصبحت موحشة، ولا شيء أجمل من مشاهدتنا لأعمال تهون علينا، وتنشر الأمان بيننا»، وتسعى من خلال كتاباتها تقول إلى تمرير رسائل هادفة تحت صيغة الفكاهة والطرب، كما تحرص أن تكون النتيجة مزدوجة، متعة المشاهد واستفادته».
فالسيناريو الجيد، حسبها «ليس الذي يجيد وصف الواقع فحسب، بل هو الذي يقدم حلولا واقعية ويساهم في تحسيس المشاهد، ويتيح له أن يفهم عالمه بشكل أفضل، يساعده على اتخاذ القرارات الصائبة، يغرس فيه حب التغيير نحو الأفضل، إما بإيجاد الحلول لمشاكله أو أن يتعايش معها.. ويرفع وعيه اتجاه مجتمعه ويحفزه على المشاركة بالفكر الخلاق، وحتى تنبيهه لمن يريد فكّ ارتباطه بماضيه الجميل».
كذلك، تقول «نسعى من خلال كتابة السيناريو إلى التصالح بين فئات المجتمع، بين الكبير والصغير، وذلك بإبراز أحقية الجيل الماضي في التعبير وفخامة تفكيرهم، الشيء الذي يمنع التصادم بين الجيلين.. وبين الرجل والمرأة وذلك بإبراز أهمية كل منهما، وضرورة احترام بعضهما، وبين المواطن وأصحاب القرار وذلك بتنبيههم لمشاكل المجتمع.. ومدى صواب قراراتهم من عدمها وصعوبة تطبيقها على أرض الواقع»، بالإضافة إلى تشجيعهم تضيف المتحدثة على توفير سياسة أفضل، وذلك في لغة تفاهم مشتركة، تواصلية، واقعية واضحة، كاللغة التي نستعملها في الواقع اليومي.. حتى لا تكون أي عقدة بين شرائح المجتمع».
بيع الأفكار عمل شاق ومتعب
واعترفت الكاتبة أن «بيع الأفكار عمل شاق ومتعب»، قائلة «إن المنتج الذي أبيعه إنتاجي لا يرسل لي إلا العمل النهائي بعد الإخراج، ويبقى على أن أطالع وأبحث لوحدي من أجل اكتساب الخبرة والاحترافية».
وفي ردها حول كيفية تمكنها من تطوير أسلوبك وإنتاج 50 عملا، قالت بويران: «تعلمت من صناع السينما الأمريكيين كيف يمكن أن نغيّر الواقع بفضل الفكاهة والطرب أو الدراما والحزن.. فمن خلال أعمالهم، يحاولون تجميل كوارثهم وتبرئة بلدهم وتغطية عيوب مجتمعهم، ونجحوا في ذلك نجاحا باهرا»..
وأردفت أنها «تعلمت من الفرنسيين كيفية استمالة الجماهير بالعواطف، ومن التونسيين حبهم لتاريخهم، ومن المصريين مدى تأثير الأفلام والمسلسلات في سيكولوجية الجماهير، وأهميتها في إحداث التغيير».
وكشفت الكاتبة أيضا أنها حين كانت ترسل أعمالها للمنتجين عبر منصة رقمية عالمية، كانوا يحولونها إلى القراء المحترفين لمراجعتها. وقد منحها الموقع إمكانية طلب الملاحظات من فئات معينة، وحصدت بذلك الكثير من النصائح القيمة حول العمل الفردي وتوجيهات لإنجاز أعمال للوطن، وباسمها الشخصي عوض بيع باكورة أفكارها ببعض دولارات».