رافع الرّوائي واسيني الأعرج عن مكانة القراءة وخصوصا القارئ باعتباره تكملة لمشهد يصنعه الكاتب، وهو فاعلية حقيقية كيفما كانت ردة فعله انطلاقا من أنّ الكِتاب “ليس أكثر من مساحة نور مشتركة وسط العالم الذي نعيشه ويعيشنا ولا نقترب منه إلا قليلا، ويصنع بعيدا عنا وفي غيابنا القسري، لنا الحق فيه ولسنا العجلة الخامسة التي لا تستعمل إلا عند الحاجة”.
أكّد صاحب رواية “كازانوفا” في تغريدة له عبر صفحته الرسمية، بأنّ الرّواية لا تربي اليأس فهي حسبه في أقاصي سوداويتها الظاهرة “تفتح الحياة على أخطر سؤال يمكن أن يطرحه أي قارئ: ماذا نفعل في هذه الدنيا؟ هل خلقنا لنكبر قليلا وننتظر الموت بعدها؟ وهي تشرّع الابواب المغلقة في أوجهنا، على الممكن الذي تغطيه أكوام الغبار والرماد والخطابات المثقلة بالكذب”. وعبر هذه الأسئلة الفلسفية في عمقها المعرفي، يحاول واسيني الاعرج البحث عن منافذ الاجابة من خلال السرد أو الحكاية التي يقول بشأن الكتابة حولها أنه في حد ذاته انتصار للمخيال، خاصة عندما يشعر الكاتب في لحظة استرخاء أن شيئا ما يشبه الى حد كبير الكتابة تتحرك داخله مثل الجنين.
أوضح أستاذ الأدب بجامعة السوربون، أن الكاتب يحلم بشي مبهم داخله حين يشعر بقوته وكلما عثر على ما ينجزه القراء من روح الكتابة والإبداع، في صور تجسد رحلة عشقية سيدتها اللغة الهاشة والحكاية الخفية”. ليتساءل في ذات الصدد، إن كان للكتابة كل هذا السحر في نفوس القراء حتى تدفع بهم حروف هاربة وغامضة إلى تكوين صداقة مع شخص كثيرا ما يصنعونه هم أنفسهم من حنينهم وتعطشهم لشوق وحدهم يحسونه بتلك الطريقة وليس بغيرها”.
أثار صاحب “الليلة السابعة بعد الألف” مسألة جوهرية في المجتمعات العربية المنغلقة على بعضها البعض والتي تعاني من تفتح الآخر على الفضاءات الأخرى ما يسبّب لها عقدا في التعامل أو الافصاح عن المكنونات، وانطلاقا من فكرة الكاتب التي تحملها صفحات الرواية يفكّك واسيني ثنائية العلاقة بين الكتاب والقارئ ليقول “كثيرا ما تلقّوا الضرب من الأخ الكبير، بسبب رواية يحملونها لأنّها تنكس رايات الشرف الكاذب والأخلاق التي لا يتذكرها إلا في الكتابة والفنون، وينسونها في حياتهم اليومية”.
وصف صاحب رواية “رماد الشرف” يوميات القراء باختلاف السنتهم وعقولهم، مسلّطا الضوء على كل صغيرة وكبيرة لها علاقة من قريب أو من بعيد بالكاتب والنص في قوله “أدخلوني بلا موانع إلى بيوتهم، شربت معهم قهوتهم الصباحية، تأملتهم وهم يعانقون رمال السواحل وملح البحر، عرفت لون ألبستهم التي يشتهون، وشممت عطر أسرتهم الضيقة أو الواسعة، عانقتهم في الليالي الباردة أو ساعات اليأس الذي لا يبقي أيّة مسافة نحو الحياة بسبب كتاب نشأت برفقتهم صداقة كبيرة وحياة لم نخطط لها”.