قدم، بقاعة ابن زيدون بالجزائر العاصمة، العرض الشرفي الأول للفيلم الروائي الطويل «أرجو» (حلم) للمخرج عمر بلقاسمي، الذي أنتج في 2021 وتوّج في عدد من المهرجانات الدولية.
ويتناول هذا العمل، في 97 دقيقة، قصة شاب في العشرينات يدعى «كوكو» يعيش في قرية جبلية بمنطقة القبائل ويواجه رفضا من مجتمعه لاختلاف شخصيته ومظهره وسلوكه، فيحاول هذا الأخير كبت حريته في أن يكون كما يريد وجعلوه تحت الوصاية بداية بـ «كبار» القرية (تاجماعث) ورجال دينها (على رأسهم إمام القرية) ووصولا إلى والده.
يعيش «كوكو» (كسيلة مصطفى) في عالم بوهيمي خاص به، تميّزه الحرية والموسيقى والأحلام والآمال والأحاسيس المرهفة ومساعدة النساء، ما يجعله محل رفض من رجال القرية الذين يصفونه بالجنون، غير أنه يلقى السند من أخيه «محمود» (محمد لفقير)، أستاذ الثانوية الذي يعشق الشعر والفلسفة ويكره الظلم والتقاليد البالية.
واستطاع المخرج في هذا العمل الناطق بالقبائلية من أن ينقل المشاهد إلى عوالم جميلة تميّز منطقة القبائل كالطبيعة الساحرة لجبالها وتراثها الموسيقي ولباسها التقليدي وعاداتها وتقاليدها، غير أنه يندّد في نفس الوقت بنفاق متدينيها وعالمها الذكوري القاسي ومعاناة نسائها ووجعهن الصامت.
الجبال الممتدة على مدّ البصر والسماء الزرقاء الشاسعة التي اختارها المخرج لتكون فضاء لعمله واعتماد لغة الصمت، تحيل كلها إلى الحرية التي يبتغيها الأخوان وصفاء الأحلام التي ينشدانها ورفضهما للعبث الوجودي من حولهما وللواقع الأليم والمنافق الذي يعيشان فيه رغما عنهما.
وقال بلقاسمي، وهو أيضا كاتب نص هذا العمل، أنّ هذا الفيلم يحيل إلى «قصص ومواقف حقيقية عاشها وهو شاب في قريته الجبلية (..)، رغم أنه عايشها آنذاك بكل مصداقية وحب»، مضيفا أنه والكثيرين «عاش وكبر بالأحلام».
وعبرت، من جهتها، وزيرة الثقافة والفنون، وفاء شعلال، عن سعادتها بالعمل و»احترافيته» مجددة «عزم قطاعها على دعم الفعل السينمائي» وداعية «كل المؤسسات التابعة لقطاعها إلى مرافقة ودعم الشباب المبدع»، مثمّنة في نفس الوقت «الجهود التي بذلت لترقية الثقافة الوطنية في بعديها العربي والأمازيغي».
وأبدى المستشار لدى رئيس الجمهورية المكلف بالثقافة والسمعي البصري، أحمد راشدي، إعجابه أيضا بهذا العمل معتبرا أنه «مختلف عما شاهدناه سابقا» وأنّ «مثل هذا النوع من الأفلام هي التي يجب تشجيعها».
وكان هذا العمل، وهو من إنتاج مشترك بين المركز الجزائري لتطوير السينما والمؤسسة الخاصة «أجونس فيزيال»، قد توّج، مؤخرا، بجائزة «الجامعة الإفريقية للنقد السينمائي» في الدورة الـ32 لأيام قرطاج السينمائية.
ودرس بلقاسمي، وهو من مواليد 1970، السينما في تونس، كما عمل كمساعد مخرج لعدد من الأفلام في الجزائر وخارجها، إلى غاية إخراجه لفيلمه القصير الأول «ديهيا» في 2010، ثم فيلمه القصير الثاني «لموجة» في 2015 الذي شارك في العديد من المهرجانات وأخيرا «أرغو» فيلمه الطويل الأول.