د.غندير أستاذ الإلكترونيك بجامعة الوادي:

لهـذه الأسبــاب يجب التحوّل تدريجيــا إلى الإنجليزيـة

أسامة إفراح

منذ سنوات، يدور نقاش في الجزائر حول المفاضلة بين اللغتين الإنجليزية والفرنسية كلغة أجنبية أولى في التعليم بمختلف مراحله. وما فتئت الأصوات تتعالى لصالح هذه الكفة أو تلك، بعضها يمثل المشهد الأكاديمي الوطني، على غرار د.السعيد غندير من جامعة الوادي، الذي يحاول توضيح أهمية ما أسماه «مبادرة التحوّل التدريجي نحو الإنجليزية»، انطلاقا من معطيات هي، حسبه، ذات علاقة مباشرة بالميدان العلمي والتكنولوجي.

في محاولة لـ»توضيح أهمية مبادرة التحوّل التدريجي نحو الإنجليزية»، يقول د.السعيد غندير، أستاذ الإلكترونيك بجامعة الوادي، إن هذه المبادرة تخصّ الميدان العلمي والتكنولوجي فقط، «وأنا متأكد أن غالبية الباحثين في الدراسات العليا وطلبة الدكتوراه في تلك الميادين يدركون جيدا مغزى المبادرة وأهدافها»، يقول غندير، مضيفا أن طلبته الذين تبنوا الإنجليزية بالأغلبية «هم كباقي الطلبة الجزائريين، يمتلكون قواعد الإنجليزية الأساسية، وليس شرطا أنهم يتقنونها، إلا أنهم يمتلكون عزيمة وإرادة كبيرة في التحوّل إلى الأفضل، وذاك ما أظهره التصويت الذي يعبر عن إرادتهم في تغيير ما بأنفسهم، كما أن قرار التحوّل هو ليس فوقيا أو جبريا، بل هي رغبة الأغلبية الساحقة إذا كنا فعلا نؤمن بشيء اسمه الديمقراطية ورأي الأغلبية»، يؤكد غندير، الذي كشف أنه مضى شخصيا في تحقيق طموحهم عبر اتباع الأطر الإدارية والبيداغوجية اللازمة.
واعتبر أستاذ الإلكترونيك أنه، إذا كان جميع الطلبة أصلا درسوا بالعربية قبل الجامعة، لكن حين دخولهم إليها تفرض عليهم الفرنسية دون أدنى مبرر أو الأخذ برأيهم، لمجرد أن الأساتذة المكونين تكوينهم بالفرنسية، دائما حسب تعبير غندير، الذي يرى أن تدريس مقياس الإنجليزية التقنية والعلمية المدرّس كل عام مؤشر على إدراك الأسرة الجامعية أهمية هذه اللغة في تلك العلوم.
ويضيف غندير بأن المبادرة «تدعو إلى تحوّل تدريجي قد يكون على سنوات، وليس بين عشية وضحاها، إلا إذا توفرت العزيمة والإرادة من الطرفين أي الطلبة والأستاذ كما هو حال هذه الوضعية»، بالإضافة إلى عدم وجود مانع من استخدام العربية في الشرح مع الحفاظ على المصطلحات التقنية.
كما يعتبر بأن تحسين الطلبة والأساتذة مستواهم في الإنجليزية مسألة عزيمة وإرادة، مذكّرا بأن الإنجليزية هي التي تكتب وتحرّر بها الأبحاث العلمية للصينيين، واليابانيين، والكوريين، والهنود، والأمريكان، والبريطانيين، وكل الدول الأوربية بما فيها فرنسا نفسها، «ولهم أن يسألوا الأساتذة الباحثين وطلبتهم في الدكتوراه عن اللغة الفرنسية في الدراسات العليا خاصة العلمية والتكنولوجية، إذ أن الباحثين الفرنسيين أنفسهم تحوّل غالبيتهم نحو تحرير المقالات العلمية والمذكرات وحتى عقد المؤتمرات باللغة الإنجليزية»، يقول غندير، مضيفا: «ما لا يعلمه كثير من الطلبة هو أنه للحصول على منح لمواصلة الدراسات العليا أو حتى للتوظيف في الخارج، فإن أغلب الدول والشركات تشترط مستويات وحتى شهادات أهلية في اللغة الإنجليزية».
ويؤكد غندير بأن التحوّل للإنجليزية لا يعني التخلي عن اللغة العربية أو احتقارها، بل إنه لتثمين العربية وجعلها حية في العلوم والتقنية، ينبغي على التقنيين والعلميين أنفسهم كمرحلة أولى الحصول على تلك العلوم بلغات أخرى، ومنها إلى مرحلة ترجمة العلوم إلى العربية والإبداع والاختراع بها، وكتابة المقالات البحثية بها، إلى أن ترجع لتصبح هي مرجعا عالميا كالإنجليزية، «وهذا هو الهدف النهائي من المبادرة، وهو نفس الشيء الذي فعله الأوروبيون قديما أيام الأندلس، يوم كان العرب يشعون على العالم نورا في شتى الميادين (...) وهو نفس الشيء الذي قامت به الصين حديثا، وعدة دول دون أدنى عقدة أو خوف على لغاتها الأم، حتى إذا قامت لغاتهم وأصبحت حية في ميدان التكنولوجيا تحولوا إلى استخدامها بلغاتهم، وهو ما لا تقدره اللغة العربية الآن بهذه الظروف»، يخلص د.غندير.
ويبقى هذا الرأي حلقة من سلسلة نقاش وجب أن يفتح في الفضاء العمومي، بين المختصين وذوي الرأي والخبرة وصنّاع القرار، وأن يفضي إلى إستراتيجية مدروسة على أكثر من مدى، تفاديا للعشوائية والارتجال، وصونا للمشهد الأكاديمي والتعليمي الوطني من التشظي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024