27 سنة على رحيل الشاب حسني

مــن كــرة القــدم إلى ملك «الراي العاطفي»

أمينة جابالله

ترك رصيدا من الأغاني التي تحمل قصص الحب العفيف


بالرغم من رحيله المؤلم في سنة 1994، مازال الفنان الراحل الشاب حسني يحتل مكانة كبيرة وعميقة في قلوب الشباب الجزائري، وكيف لا وهو الذي دخل ببساطة شخصيته وبجمال صوته عالم الفن والغناء، وتمكن من إقحام الأغاني الشبابية الرايوية إلى العالمية، حيث انفردت أغانيه بألحان لكوكبة من فنانين عرب وأجانب، وحققت إيرادات عالية ناهيك عن المبيعات الخيالية للشرائط السمعية التي كانت بحوزة عشاقه المنتسبون إلى الزمن الجميل.

من منا لا يعرف الشاب حسني الذي عانقت التراب جسده في اليوم 29 من سبتمبر من عام 1994، الفنان الجزائري الموهوب الذي وضع لاسمه قبل رحيله عن هذه الحياة، مكانا مميزا بين أشهر الفنانين المحبوبين، وترك رصيدا من الأغاني التي تحمل قصص الحب العفيف، منها ما تم توزيعه وبيعه في دور الفن، ومنها مازالت تنتظر ألحان أثقل جمالا مما سبقها من حصاد لا يمكن أن يُنسى من ذاكرة ووجدان كل من أحب شخصه ونوعية أغانيه الدافئة.
بطاقة تعريفية ..
الشاب حسني أو حسني شقرون مطرب الشباب حاز على شهرة كبيرة، ولد يوم الفاتح من فيفري 1968بحي الصديقية «قمبيطة» وهران، بدأ في الغناء سنة 1986بألبوم «البراكة»، ليتسيّد الساحة الفنية الوطنية والعربية في فن الراي، حقق انتشارا سريعا ومبيعات خيالية نافس بها نجوم الغناء في العالم، ولُقّب بملك الأغنية العاطفية، ينتمي إلى عائلة فقيرة، إذ أن والده كان يمتهن الحدادة وقد عانى من أزمة مالية خانقة عندما كان حسني صغيرا وحلم بأن يصبح أصغر أبنائه طبيبا أو محاميا، لكن حسني كان دائما يحلم بأن يصبح أحد نجوم كرة القدم بل مارسها بإحدى الفرق بمدينة وهران المنتمية للقسم الثاني من الدوري الجزائري ثم اعتزل عقب إصابته في الذقن على مستوى الفك السفلي، في إحدى المباريات مع فريقه حيث كانوا يلعبون في ملعب غير عشبي، ومكث أسابيع في المستشفى وهناك كان يستمع لأغاني فريد الأطرش، وحين خرج من المستشفى زاد وزنه كثيرا وانخفض مستواه كثيرا في مجال كرة القدم، فقرّر الاعتزال وبدأ حلم الغناء ليصبح بعد ذلك فنان الأغنية العاطفية ولقُّب بملكها بلا منازع.
قصّة ولعه بالموسيقى
الشاب حسني انضم لإحدى الفرق الفلكلورية في صغره -فرقة قادة ناوي- وشارك في حفلات الزفاف والسهرات المنظمة بمدينة وهران وذاع صيته خاصة بأدائه لأغاني التراث الجزائري كأغنية «ياذا المرسم عيد لي ما كان... فيك أنا والريم تلاقينا»، المعروفة والمحفوظة لدى أغلب الجزائريين، إذ أدّاها قبله كل من الشاب خالد و الشاب مامي وغيرهم من نجوم الأغنية الجزائرية، وبذلك بدأ في إنتاج الأشرطة ليحطّم بعدها أرقاما قياسية مذهلة بـ «ألبومات» غزيرة ومبيعات فاقت عشرات الملايين في الألبوم الواحد.
الفنان الأسطورة
لُقِّب الشاب حسني بالأسطورة نظرا لبقائه الدائم على عرش الريادة في أغنية الراي باعتراف الكبار، إذ أنه كان خلال سنوات نشاطه منافسا لأكبر النجوم في الوطن العربي وحتى في أوروبا بمبيعات خيالية وألبومات كانت بمثابة ثورة في موسيقى الراي التي دخلت العالمية في عصرها الذهبي الذي كان الشاب حسني نجمه بلا منازع فلا ملك الراي الشاب خالد ولا الفنان الشاب مامي استطاعا منافسته في طابعه العاطفي الذي تبعه فيه كوكبة من النجوم في تلك الفترة الزمنية.
كرونولوجيا «ألبومات» ملك الأغنية العاطفية
أنتج الشاب حسني حوالي 175 ألبوم. وسُئِل في حوار لإذاعة الباهية عن حكاية شريطين في مدة أسبوع فأجاب هذه مشكلة بين المنتجين نظرا للمنافسة، وإني سأحاول الإصلاح إن أطال الله عمري. فكان الموت أسبق، ولقد كان أول ألبوماته رحمه الله ثنائيا مع الشابة الزهوانية سنة 1986، ثم بدأ في صنع طابع « راي » خاص به، حيث تغنّى بمشاكل الشباب وبالحب رابطاً تلك الأغاني بمشاكله الخاصة، وكثيرا ما روى في أغانيه علاقته بابنه الوحيد عبد الله المولود سنة 1989، وعن قصة الفراق منذ 1991 مع زوجته المقيمة بفرنسا، حيث تعرف عليها في باريس وتزوجها في سن  18 وسنة 1992غنى «صرات بيّا» قصة والتي تروي حكايته عندما تعرّض له شبان بأسلحة بيضاء وشعر بأن حياته في خطر. وأغنية قالوا حسني مات عندما نشرت إشاعة من طرف مجهولين بوهران تتحدث عن موت الشاب حسني بحادث مرور عندما كان في زيارة لكندا..
أكثر الألبومات مبيعا
يعتبر الشاب حسني من الأوائل الذين تعرضت ألبوماتهم للقرصنة وإعادة الطبع بطرق غير شرعية .. لكن من أكثر الألبومات مبيعا هي: «البيضا»، رغم أنه كان غزير الإنتاج في السوق، إذ أن المدة الزمنية بين ألبوم وآخر لا تتجاوز شهر وأحيانا أسابيع وأيام، إلا أنها كانت تباع كلها بطريقة منتظمة ما يؤكد ان الفنان كان ولا يزال قيمة ثابتة في الفن العربي.
حسني وإعادة الألحان
أعاد الشاب حسني ألحان بعض نجوم الأغنية الجزائرية والعالمية بطريقته الخاصة، ولاقى نجاحا بإدخال هذه الألحان في موسيقى الراي الجزائرية مثل:
نغدى نشوف زينة لبنات: ألحانها من «بختة» للشاب خالد، وهذا الأخير أخذها من التراث الوهراني.
عمري عمري: لحن «علشان ما ليش غيرك» للفنان المصري الراحل فريد الأطرش.
راني خليتهالك أمانة: من موسيقى المسلسل المحبوب عربيا ليالي الحلمية.
غدار: لحن لخوليو إجليسياس.
•علاش ديما وحدك علاش: لحن «أهواك» لمحبوب الجماهير الراحل عبد الحليم حافظ.
ولاقت هذه الأغاني نجاحاً كبيراً.
حفلاته
سافر إلى أوروبا وكان أول من أوصل أغاني الراي إلى الدول الإسكندنافية وأمريكا، وأوصل رسائل عديدة للجالية العربية وخاصة أغنية: ما بقاتش الهدة، غير هنا نديرو القلب، نحمل بليكان في بلادي، ولا هم الغربة، ديرو النيف، كيما دارو جدودنا، الشرف عنده قيمة، تحيا بلادنا.
أما أكثر حفلاته نجاحاً فكانت حفلته الأخيرة يوم 5 جويلية 1993 بالملعب الأولمبي 5 جويلية بالجزائر العاصمة في إطار الاحتفالات بالذكرى  31 للاستقلال، وفي ذلك اليوم كانت جنازة أخيه لعرج وبالرغم ذلك استجاب إلى نداء الشباب في يومهم الوطني المجيد.
بعض أغانيه
طال غيابك يا غزالي، بيع منها 120 ألف نسخة في الأسبوع الأول و10 ملايين نسخة إلى يومنا هذا، نهار لفراق بكيت التي عرفت توزيعا موسيقيا راقيا سنة1991 ومزج بين البورتامنتو والقيتار الكهربائي بيعت منها 18 مليون نسخة من 1991 إلى2005، كما لديه أغاني مماثلة تحمل توزيعا متطورا ومتقدما رغم أنها سُجّلت في التسعينيات وتعتبر إحدى مميزات الشاب حسني، مثل: ما تسألونيش إلى بكيت عليها، c’est pas ma faute، إذا بكيتي نبكي معاك.
ملحن راي وكاتب أغاني
تعامل حسني كثيرا مع الكاتب المشهور في عالم الراي أمثال ‘عزيز كربالي’ الذي كتب له العديد من الألبومات منها ألبوم ‘راني خليتهالك أمانة’ كما تعامل مع أخوه ‘لعرج شقرون’ الذي توفي قبله في أكثر من ألبوم منها الألبوم الشهير ‘لا تبكيش وتقولي ذا مكتوبي’ و’طلبتي لفراق’ وطال غيابك يا غزالي وهناك كتاب آخرين منهم» خالد بن دودة» و»محمد نونة» صاحب كلمات أغنية «على جالها « و» قابلتني وقعدت تبكي» و»نسيانك يا العمر صعيب» و»ما نجمش نعيش دالعيشة» وأغنية «في بالي كاتبت لي» وغيرها من الأغاني، وتعامل أيضا مع عبد القادر جيدار الملقب بـ ‘سوناكوم’ صاحب كلمات أغنية قالو حسني مات وبعدها اتصل بالشاعر الغنائي المميز براهيمي أحمد كمال في إطار مشروع للأغنية الرايوية والرُقي بها عربيا لكن الظروف الأمنية وجريمة اغتياله حالت دون اكتمال المشروع.
وفاته
اغتيل الشاب حسني في 29 سبتمبر1994 حيث فقدت الجزائر في العشرية السوداء الكثير من الأسماء في الثقافة والأدب والعلم والسياسة.
فيلم «الأغنية الأخيرة» عن الشاب حسني
فيلم «الأغنية الأخيرة» (من 110 دقائق) الذي أخرجه مسعود العايب، كاتبة السيناريو فاطمة وزان، بطولة فريد رحال وأنتجته شركة تاماريس سنة2011 عن حياة المطرب حسني ومشواره الفني، ويحتوي الفيلم على أخطاء عديدة بحسب أرملة الشاب حسني.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024