انتهى البروفيسور عبد الحميد بورايو من ترجمة كتاب الأنثروبولوجي الجزائري عبد الرحمن موساوي «الفضاء والمقدّس في الصّحراء (قصور وواحات الجنوب الغربي الجزائريّ)»، وهو في الأصل نتائج بحث ميداني وتحليل لمعطياته، يتعلّق بقصور قنادسة وقصور تيميمون. وقال المختصّ في الأدب الشعبي إنّه اختار هذا الكتاب «لأهميته في تسجيل جزء هامّ من تاريخ الثقافة الشفويّة الجزائرية في هذا الحيّز الجغرافي الممتد على مساحة شاسعة».
أعلن المختص في الأدب الشّعبي، البروفيسور عبد الحميد بورايو، عن إنتاج جديد هو ترجمة لدراسة أنثروبولوجية جزائرية. وقال بورايو على صفحته: «انتهيتُ من إنجاز ترجمة لأحد كتب الأنثروبولوجي الجزائري عبد الرحمن موساوي عنوانه: «الفضاء والمقدّس في الصحراء (قصور وواحات الجنوب الغربي الجزائريّ)»، والدراسة عبارة عن نتائج بحث ميداني وتحليل لمعطياته، يتعلّق بقصور قنادسة وقصور تيميمون».
والكتاب، دائما حسب بورايو، عبارة عن بحث أكاديمي يستفيد من المعارف المعاصرة في ميادين الأنثروبولوجيا والفلسفة والتاريخ. تمّ نشره في المركز الوطني للبحث العلمي، فصاحبه يعمل منذ عقود في الجامعات الفرنسية، وهو من خرّيجي جامعة وهران في فترة ازدهار ميدان العلوم الاجتماعية فيها خلال السبعينيّات والثمانينيّات.
وأضاف بورايو أنّ هذا الاختيار راجع إلى أهمية الكتاب «في تسجيل جزء هامّ من تاريخ الثقافة الشفويّة الجزائرية في هذا الحيز الجغرافي الممتد على مساحة شاسعة»، خاصة وأنّ الكتاب يدرس «تطوّر المجتمع الصحراوي، وإنتاجاته العمرانيّة والثقافيّة، في حقبة تاريخيّة طويلة تمتدّ من لحظة التأسيس في القرون الوسطى إلى العصر الحاضر، لحظة ما بعد الاستقلال».
كما اهتمّ البحث بلحظة تأسيس القصور، ثم تطورها، وما أصابها من تحوّلات في عهدي الاحتلال والاستقلال، ودور كلّ من السياسة الاستعماريّة والسياسة الوطنية في ما آل إليه المشهد الاجتماعي والسياسي والثقافي لهذه المجموعات البشريّة، التي تقطن هذه الرقعة الواسعة من الوطن الجزائري.
وقد شرع بورايو في الترجمة منذ السنة الماضية، وكان مقرّرا أن ينتهي منها في نهاية هذا العام، غير أنّ ظروف الانزواء في البيت بسبب الأزمة الصحية الناتجة عن فيروس كورونا ساعدت على التسريع بالإنجاز «قضيتُ وقتا ممتعا وكأني مشارك في الاحتفالات الموسميّة التي رصدها الباحث وعايشها خلال سنوات ونقلها بطريقة واصفة ومحلّلة تستحضر عناصرها البشرية والثقافية والسياسيّة والاجتماعيّة»، يقول بورايو، مضيفا: «كان لي احتكاك سابق بمجتمع المنطقة عن طريق بعض الزيارات، وكذلك عن طريق ترجمة بحث ميداني سابق عن قورارا ومعرفتي لأصدقاء من منطقتي قنادسة وأدرار..زادت هذه الترجمة من معرفتي لهذا الوسط البشريّ المميّز في تعايشه مع الطبيعة القاسية وفي إنجازاته الحضاريّة، وفي الطابع الجمعي الذي تحكّم في حياة الناس عبر قرون. عايشتُ الطرق الدينيّة التي كان لها حضور أساسيّ في حياة المواطنين على جميع الأصعدة، وكان لها الدور التنظيمي السياسي والاقتصادي والثقافي المتزايد بصفة مطّردة كلما عدنا إلى الفترات التاريخية الأقدم».
أما بخصوص إخراج هذا العمل إلى النور، اعترف بورايو بأنّ العثور على «الناشر المهتمّ بمثل هذه البحوث العلميّة» أمر صعب، و»يمثّل عقبة كأداء لتحقّق الترجمة فائدتها خاصّة بالنسبة لطلبة الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع». وأشار بأنّه سبق له أن ترجم في نفس المجال كتبا بعضها نُشر في المشرق، «لكنها لم تدخل إلى الجزائر بسبب انقطاع التواصل بين الأقطار العربية خلال السنتين الماضيتين خاصّة، ومازال بعضها مُقترحا للنشر في المركز الوطني للبحوث في ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ». وكأنّها دعوة / نداء من البروفيسور بورايو إلى الناشرين، أو على الأقل إلى من يهتم بهذا المجال بالذات، وإن كان المترجم، ومجمل الكتاب والقرّاء، يعرفون ما يعيشه الناشر من أوضاع أقلّ ما يمكن قوله عنها إنها صعبة للغاية.