تخطى منتدى فضاء الركح الذي ينتجه المسرح الجهوي بسكرة عتبة 500 حصة افتراضية، واضعا بذلك أسسا متينة لنشاط ثقافي افتراضي من إعداد وتقديم الدكتور رابح هوادف، تقرّر تقديمه لأوّل مرة شهر أفريل 2020 كبديل الأنشطة الثقافية الملغاة بسبب الأزمة الصحية التي فرضها تفشي فيروس كورونا.
منتدى فضاء الركح منتدى فكري ثقافي يتضمن أبرز التجارب المسرحية الوطنية والعربية والعالمية، لديه عدد كبير من الرواد من الجزائر والدول العربية يحقق اليوم بفضل ثراء محتواه ومستوى المشاركين فيه وأيضا بسبب تبني الجمهور من محبي الفنون والثقافة له والتفاهم حوله.
المنتدى يقدّم مساء كل يوم بالمسرح الجهوي بسكرة على اليوتيوب وكذا على صفحته على الفايسبوك.
شكل تخطي عتبة نصف الألفية من الحصص والتفاعل مناسبة اختار المسرح الجهوي بسكرة الاحتفاء بها تشجيعا للمبادرة الرامية إلى فتح وتعزيز النقاش والتواصل حول المسرح وفنونه.
وقدّم احمد خوصة مدير مسرح بسكرة الجهوي بالمناسبة خطابا أطلق عليه اسم «خطاب المئوية الخامسة»، ثمّن من خلاله مجهودات كل رائدات ورواد فضاء الركح وكل من ساهم من بعيد أو قريب في إنجاح هذا التحدّي الفكري والثقافي الكبير في زمن كورونا.
وقال خوصة مخاطبا رائدات ورواد فضاء الركح: «إنها المئوية الخامسة، مئوية نريدها مجددًا محطةً للاستحضار والاستذكار والتمعنّ والتأسيس ومزيدًا من التعميق والانفتاح من خلال فضاء الركح الذي رفعتم ستائره ليلة السبت 11 أفريل 2020، وأسهم بملاحظاتكم وطروحاتكم وتفاعلاتكم في إيصاله إلى نصف الألفية، مصمّمين على مواصلة توثيق المنظومة المسرحية، وتعميق مجالات البحث في اشتغالات وتجارب المسرح الجزائري، وتقديم المزيد من الوقفات المنوّعة في سماء مسرحنا الجزائري تكريسًا لديناميكية التطوير الدائم، بالتزامن مع مواكبة نتاجات المسرح العربي والآسيوي والإفريقي والعالمي».
وأشار خوصة في السياق ذاته ان الرهان في فضاء الركح كان على «تشرّب ينابيع العراقة في وطننا المعبّق بحمولات الصور والأسماء والأصوات والكلمات، والمعتّق بجماليات الإبداع.»
كما أكد على حرص الجميع وعلى منوال 16 شهرًا المنقضية، «على أن يسهم هذا المنبر التوثيقي المتخصّص في ترميم الذاكرة الثقافية الوطنية ومرافقة المنشغلين بالشأن الثقافي».
أشار مدير المسرح ان فضاء الركح شهد في 499 عدد «مناقشات لقضايا أساسية تخص المسرح الجزائري حاضرًا ومستشرفةً لمستقبلياته، بينها: التكوين الفني، مسرح الجنوب، فن الكتابة المسرحية، ودروب: الاقتباس، التناص، إعادة الكتابة، الجزأرة ، الترجمة، فن تسيير الإنتاج المسرحي، الحرف الفنية، مسرح ذوي المهارات الخاصة، فن الخياطة وتصميم الملابس، فن اللواحق الركحية (الأكسسوارات)».
إضافة يقول إلى فتح النقاش حول «الاستثمار المسرحي متناولا في ذلك «بلورة وتصميم عمليات تسيير المشاريع المسرحية الهادفة، المسارح الجهوية والفرق الحرّة، ناهيك عن التطرف إلى «الأدب والمسرح، التشاركية والفاعلية، المسرح ومنظمات الشأن الثقافي، المسرح والمؤسسات التربوية والحركة الجمعوية، مسرح الطفل، مسرح الفتيان وغيرها».
وأشاد خوصة بالنجاح الكبير الذي حققه المنتدى بمرافقة مسرح بسكرة الجهوي، «في التحوّل بشهادات الفاعلين إلى قطب للفكر المسرحي في الجزائر؛ وهامشًا ثريًا بالرؤى الفنية المبتكرة».
وأضاف أن فضاء الركح قد تمكن «بفضل خوضه المتعدّد في النقاشات الكبرى واشتغاله الفريد في دروب النوستالجيا، من رفع السقف عاليًا باحثًا عن وصفات جادة لمختلف علل المنظومة المسرحية في الجزائر والعالم العربي».
كما وفّر بحسبه، «وفق ما تفضّل به المتخصصون من أكاديميين ومخرجين وكتّاب ومديرين وسينوغرافيين وكوريغرافيين من الجزائر وخارجها، قاعدة بيانات هامة للباحثين والمهتمين».
ونوّه المدير بضرورة تثمين طروحات فضاء الركح،: «نهيب بالرائعات والرائعين لتكثيف الإسهام في تطوير عصارة النقاشات الواسعة نحو آفاق أكثر رحابة، وتشكيل محطات متجددة لتكريس قيم ركحية تلهم ثوابت الأمة ثقافياً وحضارياً، على درب نهجكم السامي القائم على دفع الطاقات الواعدة، والحاضن للفعل المسرحي المثمر، والاستثمار الإبداعي المنتج المشعّ المنفتح على أنماط وأعمدة تؤسس للأرحب».
« إنّ فضاء الركح وما يوفره من بنك معلوماتي مسرحي، يراهن بحسب خوصة «على الاستمرار شعلةً تواصلية متقدّة في سياق المسار النبيل المتماشي مع الواقع المعاش وروح الأمل والترقية الشاملة وتثمين المبادرات الخلاّقة»، خصوصًا كما أكد»وأننا بحاجة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى ثقافة راسية فاعلةً متفاعلةً، لا تكن مجرّد مرآة لمجتمعنا، بل تستلهم ذخائر التاريخ الجزائري النفيس لتعمّق نواميس الإبداع وشذرات الابتكار حاضرًا ومستقبلاً».
وجدّد خوصة عزم إدارة مسرح بسكرة الجهوي «تشجيع مواهب الشباب والتكفل بانشغالاتهم، وتمكينهم من التعبير بحيوية عن أنفسهم وبلورة طاقاتهم».
كما يتعهد المسرح بالحرص على ‘’توفير المحيط الملائم أمام الشباب الجزائري الذي يمثّل شريحة هامة لها مكانة طلائعية رفيعة في عالم الفن الرابع»،
وهذا كما أشار «من خلال الاهتمام بمسرحي الطفل والفتيان، ودعم نمعن استقراءً للريبرتوار الجزائري والعربي والعالمي نصوصًا وعروضًا ومتابعات، بالتزامن، مع تكريس النقاشات الكبرى واستكشاف النوستالجيا بأعلامها وأعمالها ومآثرها».
وأفصح في الأخير عن «التطلع لتوسيع سياقات المنتدى، بحيث لا يقف عند حدود المسرح، بل يتعداه ليلامس سائر الفنون والآداب وأوجه الإبداع، وأن لا يكتفي بالحوارات والمناقشات، بل يمتدّ لتعليم جوانب متعددة من الثقافة والفنون واستدراج سائر صنّاع الإبداع: مسرحيون، أدباء، حكواتيون، أدباء، نقاد، مترجمون، أكاديميون، مواهب، أطفال، موسيقيون، سينمائيون، رسّامون، سينوغرافيون، كوريغرافيون، كتّاب سيناريوهات، مخرجون، مسؤولون، ناهيك عن ذوي الهمم، والدفع بالجميع إلى مناقشة الراهن والرهانات بغرض إنتاج وصفات مثمرة للفعل الفني ككلّ.