مواصلة للبرنامج الافتراضي للمسرح الوطني الجزائري، وعبر قناة اليوتيوب سيكون اليوم جمهور الفن الرابع على موعد مع العرض الثالث على التوالي لمسرحية الهايشة للمخرج محمد شرشال، ابتداء من الساعة السادسة مساء.
العرض المسرحي” الهايشة” للمخرج محمد شرشال، شوهد لأول مرة في ديسمبر عام 2015، والذي استمرعرضه على مدار ثلاثة أيام من 22، 23، 24 من الشهر الجاري، وذلك ضمن البرنامج الافتراضي للمسرح الوطني الجزائري عبر قناة اليوتيوب الخاصه به، يبدأ بأحداث تدور عبر طاولة بمقهى يطل على ميدان عام في بلدة صغيرة، يلتقي فيه كلا الصديقين “بشير وجعفر” اللّذين يحمل كل منهما شخصيته الخاصة التي تميزه، فجعفر مثقف مغرور بنفسه وبما يحمله من فكر، أما بشير إنسان طيب خجول ثمل دوما، يعاني من مشكلات الحياة اليومية مثله مثل ملايين البشر على الكرة الأرضية.
جمعت مسرحية “الهايشة 13 فنانا ممثلا على الخشبة وهم على التوالي “طارق بوعرعارة “الذي أدى دور موظف بسيط يعيش العزلة بعيدا عن ضوضاء البشر المثقلة بالمتناقضات، و«وائل بوزيدة” فأدى دور “جعفر” الصديق العقلاني الذي تخلى عن عقلانيته وصار يدافع عن أفكار الخراتيت، و«عديلة سوالم” في دور “ حمامة “ وكانت كالحمامة الرقيقة التي تتحرك بخفة وعمق فتملأ المسرح حياة وجمالا، و«عبد الكريم بن خلف الله” الذي أدى دور”أبو منطق والحاج بوفرططو”، علي تامرت في دورالبقال وجعفر الصغير، و«عبد الرحمن إيكاريوان” في دور “الشيخ الانيق”، و«فايزة بيبش” في دور البقالة و«نــضال” في دور “السيدة عجمي”، و«رضوان مرابط” في دور “القهواجي” وكريم جنان في دور “محرحر” و«يزيد صحراوي” في دور “مكركر” وليلى توشي في دور “الماكثة”.
وفي ذات السياق، يعود نجاح مسرحية “الهايشة” بعد الاشراف العام للمخرج المبدع محمد شرشال، إلى صاحب المؤثرات الصوتية الفنان عبد القادر صوفي، الذي لجأ إلى تقنية جد عالية وذكية ليضع المتتبع في جو الحدث، فقام باختراع ما يشبه أصوات الكائنات الأسطورية المخيفة واستغلالها كرمز لظهور الهايشة من آن لآخر كما بدت رقة موسيقاه في لحظات الرومانسية القليلة التي كانت تجمع بشير بحمامة.
كما لايمكن أن ننسى بصمة السينوغرافيا التي كانت تحت قيادة المميز الملهم الفنان “فريديريك دوريان”، الذي صور الحالة النفسية والروحية والفكرية المسيطرة على الشخوص والمكان، وعالج من خلالها لحظات القلق والحزن والفرح والتحول والفزع التي استوطنت أبطال هذا العمل الراقي.
للإشارة، تعد مسرحية “الهايشة”، بحسب المقاربة التي ذكرها في وقت سابق الدكتور محمد بحري عبر حقل الساحة الثقافية، (ترجمة عامية جزائرية لكلمة الوحش)، وكما وصفها بأنها اقتباس مشبع بالرمزية والعبثية لمسرحية الخرتيت (le Rhinocéros) للكاتب والمخرج يوجين يونسكو، على الرغم من اختلاف وبُعد سياقيهما ومناسبتيهما وعصريهما، ولعلّ هذه القبسة العبثية من يونسكو هي إشارة صريحة لبروز خيار إخراجي اتباعي لهذا المنحى الرمزي العبثي، والذي سنراه يتعزّز أكثر فأكثر في قادم مسرحياته، متمثلاً في تفضيل لغة الخيال الرمزي بدل الخطاب الواقعي، ولغة الفنتاستيك والتغريب والإشارة بدل التلقين والعبارة، والأسلوب الإيحائي والإيمائي بدل الأسلوب المباشر في إيصال الفكرة إلى الجمهور.