عاد منتدى المسرح الوطني الجزائري مجددا، من نافذة علاقة الموسيقى بالمسرح، حينما قدّم قائد الأوركسترا والمؤلف والباحث الموسيقي د.سليم دادة مداخلة عنوانها «الوظيفية الموسيقية من خلال التجربة المسرحية المعاصرة». واقترح دادة تصنيفا خاصا لسبعة من أهم الوظائف الموكلة للموسيقى في العمل المسرحي، كما تطرق إلى مراتب السردية لموسيقى العرض المسرحي، وكذا عملية إنتاج وبث الموسيقى في المسرح.
استضاف العدد الثاني من منتدى المسرح الوطني الجزائري، المؤلف الموسيقي والمايسترو د.سليم دادة، الذي قدّم مداخلة افتراضية عنوانها «الوظيفية الموسيقية من خلال التجربة المسرحية المعاصرة».
واعتبر د.سليم دادة أنه، في ساحة الفن المعاصر الغربي، تتوالد يوميا صيغ جديدة للتحاور والتزاوج ما بين المسرح والموسيقى، إذ «لم يعد الموسيقي اليوم آخر جنود الخفاء العاملين في ورشة إخراج العمل المسرحي أو من يستنجد به في نهاية الورشة، قصد إضفاء جو من المتعة أو التسلية على عرض غير متماسك، أو قد يبدو باهتا أو ثقيلا على الجمهور من غير صخب وأصوات».
وأضاف دادة أن كثيرا من كبار المخرجين اليوم يتشاورون مع الموسيقي منذ بدء الاشتغال على النص، بل، وأكثر من ذلك، أشار إلى وجود كتّاب يستلهمون من الموسيقى (أجواء موسيقاهم وكذا نبضها الإيقاعي) عند نسج حوارات النص والتدرب على إلقاء الممثلين مثلما كان الحال في المسرح الإغريقي العتيق.
ومن خلال تجربته كمؤلف موسيقي، وكملاحظ لراهن المسرح المعاصر وفنون العرض، اقترح د. دادة في مداخلته تصنيفا خاصا لسبعة من أهم الوظائف الموكلة للموسيقى في العمل المسرحي، كما تطرق إلى مراتب السردية لموسيقى العرض المسرحي، وكذا عملية إنتاج وبث الموسيقى في المسرح.
وقبل الخوض في وظائف الموسيقى، أشار دادة إلى أهمية فهم معنى «ميميزيس» أي محاكاة الواقع، بالمقابل نجد أن «دييجيزيس» هو مجال المخيال وإعطاء النظرة الذاتية، وفيه نجد مراتب الموسيقى التي قد تكون داخل السردية أو خارجها بحسب تعبيره.
وأحصى دادة سبع وظائف للموسيقى في المسرح، ويتعلق الأمر بتشطير بنية العرض، الإثنوغرافية الصوتية، الخلفية الموسيقية والبيئة الصوتية للشخصيات، تنقيط الحالة الدرامية، التباين والتقابل، مرافقة وتعزيز الحركة، لعب دور شخصية ما أي الموسيقى كشخصية في العمل الدرامي.
ومن الأمثلة عن المشاركات في النقاش، ننقل ما لاحظه المكوّن والمخرج المسرحي حليم زدام، حينما قال إن الواقع عندنا يميزه عدم إعطاء «أهمية للإبداع أو التأليف الموسيقي خاصة خارج الاحتراف أو الإطار العمومي»، وأضاف: «هذا أظنه راجعا لقلة التعامل مع المؤلفين الموسيقيين، سواء منهم الأكاديميين في قلّتهم، أو العصاميين في كثرتهم، وتجاهلهم للإنتاج الفني المسرحي وبُعدهم عن الساحة المسرحية التي يمكن أن تكون إيجابية لو أعطيناهم فرصا أكثر للولوج إلى عالم المسرح»، مثلهم مثل الآتين من عالم الرواية والأدب، إذ من الممكن أن نرى الموسيقي في ضيافة المسرح مثلا، مشيرا إلى أن هذه من المبادرات التي يجب أن تؤخذ على محمل الجدّ.
يُذكر أن د.سليم دادة مؤلف موسيقي، وعازف، وقائد أوركسترا، وهو باحث في العلوم الموسيقية، إضافة إلى خبرته في مجال الإبداع الفني والتكوين الموسيقي، كما يعد خبيرا دوليا لدى اليونيسكو مختصا في «اتفاقية 2005» التي تعنى بحفظ وتعزيز تنوع التعابير الثقافية. وتقلد دادة عدة وظائف ومناصب كان آخرها رئيس المجلس الوطني للفنون والآداب، وكاتب دولة مكلفاً بالإنتاج الثقافي.