أما الدكتور حميد بوحبيب فقد كتب عنهـا:
«أستاذتي الرائعة روزلين ليلى قريش تلتحق بملكوت السماء، درّستني في الجامعة في مرحلة الليسانس مقياس الآداب الأجنبية، ثم الأدب الأمريكي...سنة 87/88.
ثم أشرفت عليّ في إنجاز رسالة الماجستير «حول شعر سي محند وامحند» بمعية رفيق دربها المرحوم احمد لمين.
كانت ليلى مميزة على جميع الأصعدة:
سيدة فرنسية أتقنت اللغة العربية، وعشقت الجزائر وثورتها، وشاركت في الثورة إلى جانب الجزائريين، فكانت تخبئ المجاهدين في فيلتها المتواجدة في حي «تريولي» وتوفر لهم الدواء والمؤونة. بعد الاستقلال فضّلتْ البقاء في الجزائر لتدريس الجيل الجديد.
عرفتُ فيها الأناقة الباريسية، والأنوثة الدافئة، ولكنها كانت تفرض نفسها بصرامة المنهج، والالتزام بالجدية واحترام المواعيد.
في تدريس الآداب الأجنبية، كانت تسبقنا إلى المدرج بنحو ربع ساعة دائما، فتسجل كل أسماء الأعلام التي سيرد ذكرها في المحاضرة، فكانت تكتب الاسم بالعربية والفرنسية وأمامه تاريخ الميلاد والوفاة وبعض عناوين مؤلفاته.
وحين تسترسل في المحاضرة تعود من حين إلى آخر لتتأكد من أننا فهمنا ما قيل....ثم تزودنا بملخص وبيبليوغرافيا مفصلة وتقترح علينا الروايات والدواوين التي يجب أن نطلع عليها.
في الماجستير بعد أن عرض عليها صديقي المرحوم أحمد لمين موضوع «سي محمد وامحند» قالت لي يا ابني أنا لست متخصصة في الشعر، لذلك أشرف على بحثك من الجانب المنهجي فقط، أما المحتوى فعليك بصديقي أحمد ...
بذلك صرتُ محظوظا بأن يشرف عليّ رائدان من رواد الدراسات الشعبية في الجزائر.
كان منزل ليلى في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات مأوى وملتقى لعدد من الشعراء والأساتذة والطلبة الذين كانوا يدورون في فلك الأستاذ أحمد لمين...فكنا نبيت عندها ونسهر إلى الصبح أحيانا.
في زمن الإرهاب، أشار عليها كثير من الأصدقاء بمغادرة الجزائر لأنها مسيحية وأمراة مستهدفة ...فكان ردها:
«هذه بلادي، وليس لي بلد غيرها»
وبقيت طيلة زمن الإرهاب تذهب الى الكنيسة جهارا نهارا، متحدية الخوف اليومي الذي خيّم على الكنائس في العاصمة.
عاشت أستاذتي قبل ذلك تجربة البحث الميداني في الأدب الشعبي، فأنفقت سنين من عمرها في الانتقال إلى سيدي خالد، سيدي عقبة، اولاد جلال...لجمع مختلف الروايات المحلية للسيرة الهلالية.”