إن إعادة استرجاع صورة الأدب وصُنَّاعه باتت ديدن الكثير من الكتاب الجزائريين ،وأصبح أكثر مطلب شرعي وهذا قبل أن ترخي جائحة كورونا بظلالها على الساحة الأدبية والثقافية ،بل وبات من الصعب التحكم في ميكانيزمات التغيرات السلبية الطارئة عقب الحجر الصحي وتداعياته، في ظل ما يعيشه العالم تحت ظرف صحي حرج وعلى مدار تقريبا أكثر من عام وخمسة أشهر ،والذي شمل كل ميادين الحياة .
في تصريحه للشعب أثار الكاتب والناقد محمد إقبال بن محمود إشكالية ضرورة الاهتمام بالصرح الثقافي والأدبي مستدلا بعدة نقاط من شأنها أن تقوِّم المشهد الحيوي الهام الذي يعد ركيزة من ركائز النهوض بالحضارات ورقيها ألا وهو الأدب وما أدراك ما الأدب.
وفي ذات الصدد ذكر المتحدث بإنه نظرا لما تؤول إليه الساحة الأدبية هذا هو الوقت الذي يتوجب على الكتاب الكبار التحرك قصد إرجاع شرم الساحة الأدبية إلى ما كان عليه وطرد كل دخيل منها، لإعادة الوزن الحقيقي لها من جديد حينها نستطيع أن نقول عن فلان شاعر أو كاتب والآخر روائي وفلان سيناريست .
وفي ذات السياق أضاف الكاتب محمد اقبال أما الآن فإن الساحة في إنهيار تام وبروز دخلاء لا يفقهون في الأدب ولو ذرة منه، لا يهم أن يكون فلان مشهورا أم لا ، المهم أن تكون كتاباته تستحق النشر حقا ، تستحق القراءة وأن تكون قدوة للجيل القادم حقا ،وإن الشهرة والقاعدة الجماهرية التي يحتضنها أشباه الكتاب لا تهم .
وفي ذات السياق تطرق المتحدث إلى ظاهرة غزو المنصات الاجتماعية الموسومة بقاعدة جماهيرية ،حيث جاء على لسانه في هذا الصدد : فما نشاهده اليوم وفي آخر عامين تقريبا في « الجانب الأدبي خصيصا « أصبح كل من له صفحة على موقع التواصل الٱجتماعي « فيس بوك « تحوي على الكثير من المتابعين يعد كاتبا عظيما !ببساطة لأن له قاعدة جماهرية ،وأضاف:نحن لا نسعى لتحطيم أحد لكن يجب أن تكون هناك قوانين ولِجانْ للإشراف على الساحة الأدبية ورمي أي دخيل منها إلى الخارج،إما أن تكون كتاباتك تستحق القراءة حقا لتنشر وتباع للقارئ أو تمزق ، وأنت تعلم أنها مجرد خربشة لا معنى لها ، كأن طفلا يبلغ من العمر عامين يداعب الورق ، حتى أن الساحة لوثت بـ كتاباتٍ مسروقة .
كما عقب ذات المتحدث عن جملة من الهوامش الدخيلة والخطيرة عن الأدب التي لو تركناها قائمة لعششت واستحلت المرعى حيث قال في هذا السياق: ما ظهر أيضا من الكتب التي تحوي وسط صفحاتها وسطورها كلمات فاحشة ! وذلك بغية الشهرة والمبيعات التي ستحققها لاحقا...إن هذا من العيب والعار ما يحدث لهاته الساحة ، وكما أنه على وزارة الثقافة فرض لِجان قراءة تشرف على دور النشر، وليس من هب ودب ينشر كتابه الذي يحوي كلمات غير متناسقة حتى أصبحت بعض دور النشر تمارس هذا من أجل الأرباح المالية حتى أن بعضها قد تطول طباعة العمل لمدة شهرين وذلك للكم الهائل ما يقبل من أعمال أشباه الكتاب ونشاهد أيضا العدد الرهيب للكتب الجامعة لا مشرفها أديب ولا مشاركها كاتب ،إن هذا يعد تفاهة حقا حين تجد المشرف يبلغ من العمر ما يقارب الأربع عشرة سنة، فحين يقرأ الشخص سِير بعض من كانت لهم قيمة ومنزلة في تاريخ الأدب نجد أن أكثرهم كان لهم أعمدة في الجرائد والمجلات وغيرها وذلك لنشر آراءهم النقدية حول المشهد الأدبي كيف هو وكيف يسري ، إن هذا يحدث الآن ولكن ليس بالوزن المراد وذلك بسبب النقد الهدام لا البناء .
وأشار الكاتب محمد اقبال بن محمود في تصريحه عن بعض الشخصيات التي لم يتوان نبض قلمها في تزيين وازدهار وتطوير المشهد الأدبي بغية تقييمه وتحسينه وجعله مرموقا، وجاء على لسانه في هذا السياق:على سبيل المثال نذكر الدكتور سعيد بوطاجين والذي له أكثر من مئة مقال سنويا على جريدة الجمهورية وجريدة الوطن .
وختم المتحدث ما في جعبته بهذا الاستصراخ الذي ينبي عن غيرته الطبيعية والسليمة مدافعا من خلاله عن عظمة صرح الثقافة والأدب، حيث قال : أصبح القارئ لا يفرّق بين الأدب ورديئه ، وهذا يعود لعدم وجود عدد النقاد الكافي للكم الهائل الذي تنتجه دور النشر الغير مبالية لقيمة الأدب ، فعمل الناقد يدخل في اللجنة التي تحويها دور النشر لمطالعة عمل الصيبة ،المهم الآن إعادة تهيئة الساحة الأدبية وبث النبض فيها بغية نثر الحياة من جديد فالأدب يتهاوى يا سادة .