«المضلع المرصّع بالنجوم» من أهم مائة رواية في العالم
أكدت الروائية الجزائرية ربيعة جلطي، أن الكاتب العالمي كاتب ياسين ظلّ وفيا لفلسفة شعبه العفوي والتاريخي من خلال آرائه ورحلاته وأسفاره وعزلته، مسكوناً بموسيقاه وثقافته وخصوصياته، وقالت بأنه ظلّ «يكابد محنة الكتابة في ظروف عيش قاسية لطالما أجبرته على قطع حبل سُرّة المشروع الإبداعي الذي بين يديه مؤقتاً، والذهاب للعمل لجلب قوته ولم يمنعه ذلك من فتح باب جديد على أفريقيا، دون أن يظل ظِلاّ لبريخت ولا لبيكيت».
ذكرت صاحبة رواية «حنين بالنعناع» أن كاتب يسين أشهر من نار على علم، ولعلّ رواية نجمة التي اشتهر بها ظلّت تلازمه، فكلما ذكرت كاتب يسين إلا وذكرت رائعته العالمية نجمة « إنه ذلك العاشق الذي فاجأه حب «نجمته» على حين غِرّة، في قريته «قبلوت» النائية الرازحة تحت الاستعمار، عندما طرق الفتى ذو السادسة عشرة من العمر بيده الباب الخشبي للبيت العائلي الكبير، وإذ فتحت «نجمة»، ابنة عمّه التي تكبره بسنوات نجمة المتزوجة فوقع قلبه على جمالها وإذ وقع، وقعَ ما لم يكن في الحسبان خُلقت أسطورة اسمها «نجمة، وخُلق معها أديب مختلف اسمه كاتب ياسين».
قالت الأستاذة الجامعية جلطي في مقال مطوّل نشرته صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، «لو تطلبُ من مثقف أجنبي، قبل الجزائري أو المغاربي أو العربي، مهتمّ بالأدب الجزائري أو مختصّ فيه أو قارئ له، أن يذكر لك خمسة أو أربعة أو ثلاثة أسماء من كتّابه، سيذكر لك من بينهم حتماً اسم كاتب ياسين، ولو سألته أن يذكر لك من بين مئات أو آلاف الروايات واحدة شكّلت الاستثناء، فسيذكر لك دون تردّد رواية « نجمة» لكاتب ياسين» .
ركزت الروائية جلطي في مقالها حول شخصية الشاعر والمسرحي والصحافي كاتب يسين على الظروف التي رافقت مولده ونشأته ومواقفه من الاستعمار ومن اللغة الفرنسية ذاتها، ففي السادس أوت من سنة 1929، ولد صاحب رواية
«الرجل صاحب النعل المطاطي» وإن اختلف البعض بقولهم أنه ولد في الثاني من شهر أوت، فما يثير الانتباه حسب جلطي أن « الدوائر الأدبية والثقافية في العالم التي ما زالت تحتفل بموهبته وفرادة إبداعه، وليس من الغرابة أن يكشف مهندسو الرأي في صحيفة «لوموند» الفرنسية الشهيرة، منذ فترة زمنية، أن روايته «المضلع المرصع بالنجوم» من بين أهم مائة رواية في العالم التي أحبها قراء الجريدة على مدى عشرات السنين».
أشادت جلطي باختيار روايته «المضلع المرصع بالنجوم» من بين أهم مائة رواية في العالم، حيث فاجأ هذا الاختيار المراقبين والأدباء الجزائريين والعرب، فمنهم من رحّب ومنهم من شَجب، وكانت الرواية الوحيدة المختارة من الريبرتوار الروائي المغاربي والعربي».
عبارته التي لا تزال ذائعة الصيت
أشارت جلطي في مقالها أن المحتفى به في ذكرى ميلاده تعلّم العربية في الكُتّاب وتعلم اللغة الفرنسية في المدرسة التي خصها بعبارته ذائعة الصيت «اللغة الفرنسية غنيمة حرب» وتعوّد ذكراه لتذكرنا بذلك الثائر المتمرد، في الحياة كما في المسرح والأدب والسياسة، والثائر أيضاً على نظام اللغة الفرنسية ذاتها التي كتب بها، ونصحه والده بتعلمها، والده المثقف مزدوج اللغة، كان يراها سلاحاً قوياً آنذاك بين يدي ابنه، وهو يُطمئنه بأنه يستطيع أن يعود للعربية متى ما شاء».
للإشارة عرف كاتب ياسين النضال باكرا فلم يخفه السجن ومرارة الهجرة والغربة، وظل وفيا إلى «جانب المقهورين ضد الاستبداد، حيث صنع التاريخُ عبر الدم، وصنع هو للبلاد تاريخاً عبر الجمال سرداً ومسرحاً وشعرا، أما سرّ نجاحه حسب جلطي هو ارتباطه بالناس، لم يخُن وعيَه الثَّوري، بل عمّقه بالبحث عن حياة الأدب داخل حياة الناس البسطاء، من الطبقة الشغيلة ومن الدياسبورا».
ترك كاتب يسين إرثا أدبيا خالدا لا يزال إلى اليوم يتوارثه الأجيال جيل بعد جيل، توفي في 28 أكتوبر 1989 بفرنسا في الستين من العمر بسبب سرطان الدم، ونقل جثمانه ودفن في الجزائر في الفاتح من نوفمبر 1989، من مؤلفاته الشعرية والسردية «مناجاة»، «أشعار الجزائر المضطهدة»، «نجمة»، «ألف عذراء»، «المضلع النجمي»، «دائرى القصاص»، «فلسطين المخدوعة» ،«حرب الألف عام»، «الرجل ذو النعل المطاطي».