صدر عن دار رومنس للنشر رواية للمؤلف محمد اسطنبولي حملت عنوان « صاحبة المرتبة الأولى»، عالج فيها رحلة البحث عن الحقيقة في ملابسات قضية قتل راحت ضحيتها فتاة في مقتبل العمر،بأسلوب جد مشوق يحاكي فيها ما ألفه عشاق الكاتبة الشهيرة أغاثا كريستي صاحبة أعلى إيرادات القصص البوليسية في العالم، بحيث روض تسلسل تفاصيل العمل بالأسلوب الغامض المليء بالشك، ليترك القارئ يغوص في متاهة الأسئلة المحيرة لاسيما فواصل المجهول التي دائما تفتقد إلى حلقة ما، بدونها لن تبزغ أبدا أشعة شمس الحقيقة ولو استعنا بمكبر للرؤية.
جاءت رواية « صاحبة المرتبة الأولى » المندرجة تحت الطابع البولسيي، في 231 صفحة ومن 28حلقة، بالحجم المتوسط في غلاف يحمل ملامح فتاة تتوسط قسم مدرسي محاط بشريط خاص بموقع الجريمة، أسلوب الكاتب الشاب محمد اسطنبولي في أولى ثمرات مؤلفاته وكأول مولود أدبي له بسيط وممتع، حيث اعتمد على الحوار في كل حلقات الرواية، إلى جانب استطرادات الراوي التي زادت من عنصر التشويق، إضافة إلى الحركة الذكية التي اعتمدها في الربط بين الحلقات مفعلا فيها أسلوب الوصف وتعقب الشرح خاصة بعد تأزم القضية التي أخذت مجرى لم يكن في الحسبان.
وفي ذات الصدد، شكلت شخصيات الرواية فسيفساء درامية، ولعل أبرز الشخصيات التي طغى اسمها على باقي الأسماء هي « طاوس » لاسيما الأستاذ « جلال » الذي عاش أصعب لحظات حرجة في حياته، أما بقية الأسماء التي خدمت حبكة الرواية، نالت حظها من الأحداث المتتابعة والمتسلسلة وذلك من أجل توليد أثر عاطفي فني لدى المتابع.
وعليه فالملخص المناسب والمختصر لرواية « صاحبة المرتبة الأولى» يمكن طرحه بهذا السياق: هي جريمة وقعت أحداثها في الثانوية، أواخر ثمانينات القرن العشرين، راحت ضحيتها طالبة في مقتبل العمر، تعد من أنجب الطالبات بها، بل كانت الأولى بينهم، ولكن لديها سمة اتصفت بالطالبة، جعلتها تفتُح لنفسها عدة أبواب للعداء من طرف مقربيها،كصديقتها مثلا، ومن الّطلبة الذين يدرسون بصفها، دون نسيان الأساتذة، وحتى عمال الثانوية من المراقب العام إلى المنظفة وصولا للحارس، فيا ترى أ من أجل الغيرة، الكره أم الحب أو لأنها صاحبة المرتبة الأولى قتِلْت هذه الطالبة، وَمن يكون الفاعل؟ ..للإجابة على هذه الأسئلة، هناك شخصان عملا واجتهدا وبحثا معا على الدلائل، هما المحقق كمال موري وزميله الروائي مصطفى ناجي اللذين اكتشفا الحقيقة، فلا توجد جريمة كاملة وعلى المجرم أن ينال عقابه مهما طال الزمن.
مقتطف من الفصل الثاني من الحلقة 28
لمزيد من التشويق اخترنا في الأخير للقارئ مقتطف من الفصل الثاني من الحلقة 28، التي تتكون من 6 فاصل ونصف نظرا لما تحمله من تفاصيل قبل النهاية المؤلمة لصاحبة المرتبة الأولى:
-هنا خّطط لكّل شيء الحارس جلال للإيقاع بالطالبة طاوس والقضاء عليها، ملصقا التهمة على الأستاذ جمال مداس خطيبك، سأقص عليكم ما جرى في هذا القسم ما بين الساعة 12:00و12:30 من يوم 22 أفريل، بعد أن دّق جرس معلنا نهاية الدرس عند منتصف النهار، هب طلبة هذا القسم بالخروج متجهين إلى مطعم الثانوية.
الطالبتين هما «طاوس وحورية»، الأخيرة أعطت رسالة الطالب قادة لطاوس التي بدورها وضعتها في جيبها لأنها كانت تريد أن تنفرد بالأستاذ جمال، وغادرت حورية القسم متجهة نحو مكتب المراقب العام الذي طلبها سابقا، بقيت الطالبة طاوس لوحدها مع أستاذها الذي كانُ يرّتب محفظته ليهّب بمغادرة القسم، فحسب اعتقاده لديه موعد مع خطيبته فِي مطعم الشرق، اقتربت الطالبة طاوس من أستاذها ظنّت بأّنه قبل التحدث معها على انفراد، لكنّها تفاجأت من رّدة فِعـله، ولّمـا استـوقفــته وباحت بِمكنـونات صدرها ثـارت ثـائـرة أسـتاذ جـمال وأمسكها من رقبتها وهدّدها على أن تتوُقفِ من نشر أكاذيبها فيما يخص علاقتهما إلى أن سمع وقع أقدام المنظفة خيرة بكير فغادر القسم وهو يقول للطالبة «لم أنته منك بعد» المقولة التي سمعتها المنظفة، اتجه الأستاذ نحو قاعة الأساتذة وضع مئزره هناك وغادر الثانوية، في نفس التوقيت كان الحارس جلال في قاعة المختبر، أين لبس القفاز وجلب المشرط وبّلل المنديل بالمخدر، ثم اتجه إلى قاعة الأساتذة أين وجد مئزرالأستاذ جمال فلبسه وصِعد إلى القسم مكان تواجد الطالبة طاوس، كانت المنظفة لحظتها قد غادرت القسم بحيث اتجهت يمينا بعدما طلبت منها الطالبة طاوس المغادرة…