آخر مولود للكاتبة طاهر زرقة

«غروب مستعجل» .. يشرق على 14 قصة قصيرة

أمينة جابالله

في تشكيلة أدبية مميزة جمعت الأديبة الشابة طاهر زرقة في آخر إصدار لها ما يوافق14قصة قصيرة، عالجت فيها مواضيع إجتماعية قريبة جدا من الواقع، كما سردت من خلالها أطوار قصص عاشها أبطال، راهنت عليهم الكاتبة وعلى أسماؤهم التي لن تمر أمام أعين القراء في مهب الريح، كما راهنت على فعالية الحرف والكلمة الهادفة التي قد يستعين بهما الضمير يوما في تهذيب النفس البشرية وتقويمها.
جمعت الكاتبة الشابة اليافعة بالعطاء والتألق «طاهر زرقة «غروب مستعجل» في مجموعتها القصصية 14 قصة كاملة بكمالها الجمالي والابداعي، وكل قصة سيبحث فيها القارئ عن الفصول الضائعة بكل فضول بل وسيبحث عن كل مايمكن أن يجد فيه الاثارة والعمق الإبداعي، وسيستشف تلك اللمسة التي تقطر إبداعا وتلمع تألقا، فالقارئ دائما ما يبحث عن اكتمال الإبداع بكل عناصر البناء الخاصة بالكاتب، والقليل هم من يمتلكها كلها.
نجد في هذه الباقة المشرقة من الواقع واحداث محزنة وكثيرة هي محطات الأسى رغم ذلك فقد أضاءت عليها الكاتبة زرقة بنثر الأمل فيها كشيء من العطف على ابطالها في كل قصة.
تقدم لنا طاهر زرقة في مجموعتها قضايا عدة، بأسلوب سردي بسيط ولغة واضحة وهادئة تروي لنا ما يجوب في نفس الإنسان وما يركن في داخله من خلال فلسفة جد متوازنة داخل كل قصة تتكون من أهم أدوات كتابة القصة القصيرة وإثارتها بشكل متقن ومدهش.
غرست الكاتبة المبدعة أحاسيسها داخل نصوصها وقصصها وأعطت للابجدية سلطة كاملة فتفجرت من خلالها أنهار الإبداع ونبتت هنا وهناك ورودا وخضرة مهمتها إنارة أرواح القراء، وتمكنت بأسلوبها البسيط أن تجعل القارئ يلمح طيف إبداعها عند عتبة باب كل قصة وهي تحمل راية الشوق مرددة شعارات التميز لينطلق في مراحل القراءة من بدايتها الهادئة حتى يبلغ بكل خطواته اعماقها تارة تبكيه وتارة اخرى تستفزه وتارة تراوغه وتارة اخرى تهدهده برفق كما في قصة «الوباء» التي اخترنا منها مقتطف مؤثر.
ومن جهة أخرى، إن أحداث قصة «الوباء» المليئة باستثارة المشاعر، ماهي إلا مجرد حلم اصابت فيه بدقة الكاتبة زرقة في جوانب عدة وتمكنت من امتاعنا بأسلوب سرد مشوق جدا وثابت الخطى حيث أنها غزت العقل وسيطرت بالكامل على حواس اي قارئ يقف امام تفاصيل القصة، لان لغة عالم التخيل والغوص فيه ليس بتلك السهولة فلابد للكاتب ان يكون مسرجا بأدوات الكتابة كلها بداية من الفكرة والاسلوب وبناء القصة وبدايتها ونهايتها وشكلها الكلي.
مقتطف من قصة «الوباء»
أجل نيل شهادة الدكتوراه والتوظيف لدى الجامعة الوطنية للهندسة المعمارية فأجبرته على دخول المستشفى والرمي بأحلامه على جدران النسيان، كان ذلك بمثابة صدمة للجميع.
 
كيف له أن يصاب... ؟
فهو كان شديد الحذر...
كلّها أفكار زال اللُّبس عنها بمجرّد ما إن أجرى الطبيب المحادثة معه وتبيّن أنّه استقبل العدوى من صاحب الصيدليّة القاطن بنفس الحيّ وهنا كانت الصّدمة قد شوّهت ملامح حنان والتي أصبحت تعاتب نفسها على ما وقع  أما أقوى واكثر قصة تشويقا وترهيبا وابدعا فهي «الموسومة»المواجهة» .

أنني أيضا سأصبح صائدة أرواح..؟
قامت السّحلية مرة أخرى بضربي، قائلة أرجوك نفّذي ما أقوله لك وستفرّين بروحك وتعودي لعالمك، الوقت يداهمنا، هنا فوق ظهري توجد تعويذة ألفتها سحلية الخير وقد أنقذت القليل من أمثالك، فالكثير مما ترين هناك لم يستطع فعل ما قلته لك، إنه تحدٍّ للنفس، إقرئي التعويذة وقومي ببلعي دون المضغ، فبمجرد أن تفعلي ذلك ستعودين لعالمك وأنسل أنا من جسدك، تردّدت كثيرا.. من المستحيل أن أبتلعك، أنت أكثر حشرة أكرهها....

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024