اقتحم الكاتب والفنان فوزي سعيداني عالم الإخراج وكتابة السيناريو، بفيلم «الوصية» الذي يسجل من خلاله أول عمل سينمائي، يحكي فيه عن إحدى مناطق الجزائر التاريخية العريقة، وبالضبط منطقة الثوار «بوعنداس» التي تقع أقصى شمال ولاية سطيف، والتي قال بشأنها بأنها مهمشة من جميع الجوانب ومعتمة إعلاميا، حيث ارتأى تسليط الضوء على مرحلة مهمة من تاريخ الجزائر ما بعد الاستقلال.
قال الكاتب فوزي سعيداني في تصريح لـ»الشعب» إن فيلم «الوصية» هو أول عمل له كمخرج هاو، حيث قرر اقتحام عالم الإخراج السينمائي، بعد تجربته في الإخراج المسرحي لفترة فاقت الخمس سنوات ليقرر بعدها خوض تجربة السينما، مؤكدا بأن رحلته نحو الاحتراف ستكون شاقة وطويلة، غير أنه لن يتوانى في مواصلة مشواره في عالم الفن السابع حتى لو كان فاشلا، قائلا بأنه في مرحلة التعلم وما بدأ رحلته إلا ليختتمها بالاحترافية والتتويجات الدولية.
وأشار سعيداني إلى أن سيناريو فيلم «الوصية» كتبه في بداية الأمر ليعرضه على المخرج جعفر قاسم، إلا أنه ومنذ أسابيع قام بإنتاج فيلم قصير عن «التدخين»، والذي كان حافزا له لإنتاج فيلم سينمائي متوسط، مبرزا بأنه عرض الفكرة على رئيس البلدية والذي حفزه أكثر وسهل عليه الكثير من الصعوبات التي جعلته يقرر إنتاج هذا العمل، قائلا بأنه كان يطمح منذ زمن طويل لأن يصبح مخرجا سينمائيا، ليبدأ حلمه بالإخراج المسرحي إلى الإخراج السينمائي الهاوي.
وتدور أحداث الجزء الأول من فيلم «الوصية»، بحسب المخرج بعد استقلال الجزائر، حيث استرجع فلاحون من القبائل الصغرى أراضيهم من بساتين الزيتون والبقول، لكنهم صدموا من بقايا «الحركى» الذين ما يزالون يملكون النفوذ الذي فرضوه في القرى والمداشر، حيث دخلوا معهم في حرب من أجل تلك الأراضي التي ورثوها في اعتقادهم عن المستعمر الفرنسي.. البطل في الفيلم هو ابن شهيد ورث عن أبيه تلك الأرض «الوصية» ليدخل في صراع مع أبناء «القايد» من أجل نهبها، إلا أنه وقف لهم بالند فأرسلوا له من يقتلوه، وفي ذات الوقت ترك لابنه الأصغر الوصية، كما أن له ابن آخر يزاول دراسته في فرنسا، وذلك الابن هو من سيحافظ على ما تركه له والده، وهي «كمشة التراب».
ويقول المخرج سعيداني إن قصة الفيلم تكتمل في الجزء الثاني، حيث أن الجزء الأول يعالج موضوعا حساسا جدا من تاريخ النضال الجزائري، وأشار إلى أنه اختار الفنان عبد الرحيم حمام لأداء دور البطولة في هذا الفيلم لثقته به وما قدمه في أعماله السابقة، مؤكدا بأنه قبل هذا الدور بعد اطلاعه على هذا العمل السينمائي والذي كان أيضا فرصة للممثل «عبد العالي حمزي» ليخوض تجربة التمثيل، إلى جانب مشاركين آخرين في أدوار ثانوية، حيث كان فيلم «الوصية» أول تجربة لهم كمواهب شابة ترغب في التمثيل فكان فرصة نادرة جدا لهم لتحقيق تجربة متواضعة.
من جانب آخر كشف سعيداني عن المشكل الوحيد الذي واجهه في إخراج الفيلم، والمتمثل في نقص العتاد السينمائي والملابس، خصوصا وأن سيناريو الفيلم يتحدث عن حقبة قديمة، لذلك يقول «وجدت صعوبة في الحصول على الملابس، ناهيك عن عدم امتلاكنا لكاميرات مناسبة لتصوير المشاهد، فضلا عن الجانب المادي أيضا وغياب التمويل، وهو ما أحرجني كثيرا، خاصة مع الطاقم التقني والممثلين الذين ساهموا مجانا في إنتاج العمل»، وأضاف بأن مصالح البلدية قدمت له دعما لوجستيكيا فيما يتعلق بالنقل والإطعام، وتوفير ما تملك من عتاد التصوير، والمرافقة من بداية إنتاج هذا العمل إلى نهايته، متمنيا في سياق حديثه أن يجد الدعم في أعماله القادمة.
أما عن اختياره «بوعنداس» كأول عمل له قال بأنها مكان جيد للسينما والفن والسياحة ولكونها مسقط رأسه، كما أكد بأنها مهمشة ثقافيا ومعتمة إعلاميا، بالرغم من أنها منطقة تشتهر بتاريخها الثوري العريق، مؤكدا بأنه سيقوم بتصوير أعمال أخرى لإحياء ذاكرتها الثورية، ويطمح لأن يشرفها دوليا.