الشّاعرة نادية نواصر تحتفي بباكورتها الشّعرية الجديدة:

أعيش صراعا دائمـا مع القصيدة التي لا حـدود لها

عنابة: هدى بوعطيح

شهدت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية بركات سليمان بعنابة، أمسية أدبية كانت فيها شاعرة بونة نادية نواصر «سيدة المقام»، حيث احتفت بمسيرتها التي ناهزت 40 سنة وبإصداراتها الحافلة في عالم القافية، وعلى وجه الخصوص مجموعتها الشعرية الأخيرة، حيث أثّرت المكتبة الجزائرية بـ 10 أعمال أدبية، بعد أن جمعت إنتاجها المبعثر لتقدمه للطبع، والذي كان أغلبه وليد فترة الحجر الصحي.
الشّاعرة نادية نواصر وبإصداراتها الأخيرة سعت لتحويل الخراب والموت إلى حياة، فكانت القصيدة والفرح بإنجازاتها طريق للصّراع ضد وباء كورونا، لتتناول في نصوصها القضايا الفلسفية والذاتية، القضية العربية، مسار الجزائر السياسي و»كوفيد-19»، غير أنّ الطابع الرومانسي كان الغالب في دواوينها، بحسب ما أكّدته الشاعرة في تصريحاتها، قائلة بأنّه على الشاعر أن يصنع عالما شعريا جميلا لنفسه، ويعمل على ترميم انكسارات القلوب وانكسارات الأمة العربية على جميع الأصعدة وهذا الراهن المزري، على غرار الجزائر وما تكبّدته على يد المستعمر الفرنسي ثم العشرية السوداء وصولا إلى الوباء الذي أضحى زمن الموت.
وأضافت نادية نواصر أنّ هذا المحفل هو فرصة للمحبة والكلمة الصادقة والتأسيس لتاريخ جديد، وبأن هذه الأعمال هي ما سيترك للأجيال الصّاعدة، قائلة بأنها تعمل على الانقضاء على لحظات الجمال، «حيث أنه ليس من السهل أن نحافظ على كياننا، وأن نظل واقفين ما يقارب الأربعة عقود، فذلك يتطلّب الصبر والمحبة»، مشيرة إلى أنّها أحبّت الكتابة وعشقت الحرف وتعبّدت في محرابه، ولم تكن تبتغي شيئا آخرا، حيث رأت في القصيدة منبرا تحب فيه تارة وتتسكّع فيه تارة أخرى، تصاب فيه بالخذلان وبالحيرة وتنكسر أحيانا، وسرعان ما تعاود النهوض لأنّها تتّكئ على قصيدة تسندها وتبوح إليها، مؤكّدة بأنه قد يخونك الآخرون إلا أن النص لن يخون إذا طاوعتنا البلاغة والكلمات والمجاز.
وعن إصدارتها العشرة، كشفت الشّاعرة أنه خلال فترة الحجر الصحي، وذلك الخوف الذي كان يلم بها بفقدان الأصدقاء والأحبة، عملت على مصارعة الموت وتحويله إلى قصيدة مشعة ونابضة، على أمل أن يشرق الربيع ويغادر الموت، وأضافت بأن أعمالها الأدبية الأخيرة هي توثيق لإنتاجها حتى يبقى للتاريخ وللأجيال، وفي سياق حديثها قالت نواصر إنّها كانت مغرمة كثيرا بالقراءة منذ صغرها، حيث كانت تعمل وهي في المرحلة الابتدائية على شراء الكتب بما تمتلكه من نقود، مشيرة إلى أنّها قرأت للمنفلوطي ولجبران خليل جبران، كما كانت تتابع أشعار سليمان جوادي، غير أن ما كان يشدّها للقراءة أكثر هي أشعار غادة السمان بالرغم ممّا كان يوجّه إليها من انتقادات على تحرّرها، إلى جانب الشاعر نزار قباني، مشيرة إلى أنّها تمتلك في بعض قصائدها نزعة «نزارية»، والتي تمّ تلحينها من قبل فنانين من تونس، سوريا والجزائر، وأشارت إلى أنّها قرأت أيضا لألبير كامو «رسائل إلى عشيقته» أين تأثّرت بهذا النوع من الرسائل والبوح والجرأة في عدم قمع مشاعرنا، قائلة «آمنت أن أقول بما أحس وأشعر به».
من جهة أخرى، اعتبرت الشاعرة نادية نواصر أغلب كتاباتها أقرب إلى قلبها، على اعتبار أنّهم جاءوا بعد مخاض وأرق وسهر، مؤكّدة بأنّها وإلى حد السّاعة ما تزال تخاف من النص ومن اللغة والبلاغة «أقول لنفسي عندما أكتب نصّا إنّني لا زلت في السّطر الأول من القصيدة، ويجب أن أحسنها وأبدع فيها وأقدّم نصّا جميلا، لذلك أنا دائما في صراع مع القصيدة التي لا حدود لها».
مع العلم شهدت الاحتفالية الأدبية بيع بالتوقيع لباكورة نادية نواصر الشعرية، كما تمّ تكريمها من قبل مدير الثقافة لولاية عنابة، فضلا عن تقديم مداخلات وقراءات لإصداراتها العشرة من قبل نخبة من مثقفي وأدباء بونة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024