«موجع رحيلك المبكر يا صديقي... موجع هذا الفقد غير المنتظر... موجع أن تخرج من زمننا هذا ونحن لا نزال في حاجة إليك، لا نزال في حاجة لمساهمتك النبيلة معنا في حفظ توازن هذه الأرض المضطربة تحت أقدامنا... كنت الوسط الذي لا يتطرف... والجسر الذي تتقاطع فيه الاختلافات والخيارات... والحلم المغرد بآمال وأحلام الناس... وكنت الجامع لمختلف الثقافات والخلافات، متفتح على صخب عصرنا كما يليق بمثقف يعرف أن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، صديقا لكل الناس حتى الذين يناصبونك التجاهل والبغضاء... وكانت ابتسامتك الدائمة جوابا للذين يحبونك والذين لا يحبونك... حدثتني عن مشاريع كثيرة في الأفق، وعن كتابات لا تزال مبعثرة فوق مكتبك، وعن سفريات تزمع امتطاءها في قادم الأيام... ومن الصعب حتى على خيال جموح كخيالي أن يفكر في أنها آخر مرة سنلتقي فيها، لأنك كنت ممتلئا بالحياة حد الفيضان، ومثقلا بأعمال لا تكفيك مائة سنة لإنجازها... حتى وأنت في مرضك لم أكن قلقة عليك، فقد غالبت صعابا أكثر وعورة من مجرد مرض، وعانيت مشاكل أكثر تعقيدا من فيروس بدأنا نطمئن لإمكانية علاجه… لكن الأجل مسمى، والموت لا يستشير أحدا. لذلك لم يعد أمامي سوى رثاءك، وكم هو حزين فقدك، كم هو حزين أن نستيقظ على سقوط شجرة فاكهة... وداعا صديقي. كلنا لله، وكلنا إليه راجعون.