يصدر قريبا عن دار خيال الناشر والترجمة ديوان الشاعرة الجزائرية أسماء رمرام تحت عنوان «الموت في جيب الكناية»، الذي يضمّ قصائد نثرية ويعد ثالث عمل لهاأسماء رمرام شاعرة جزائريّة من مدينة قسنطينة. خريجة كلية الهندسة «تخصّص هندسة صيدلانية». صدرت لها مجموعة شعريّة سنة 2018 تضمّ قصائد عموديّة وتفعيلة ونصوص هايكو، كما صدرت لها مجموعة قصصيّة سنة 2019
ويعدّ «الموت في جيب الكناية» ثالث عمل لها، والذي قال عنه الناقد والشّاعر السعودي «مشعل العبّادي وبعيداً تماماً عن الشبهة المتداولة بين جمع الشُّعراء، من أنّ كثيراً من كُتّاب القصيدة دلفوا إلى منحدر غواية النَّثر، استسهالاً وهروباً من الوزن والقافية أو الإيقاع، إلّا أنّ «أسماء رمرام» قد أجادت وأضافت إلى قصيدة النَّثر، ممّا يمكّننا بأريحيّة أنّ نعُدّ هذا الديوان إضافة بنّاءة في فنّ النَّثر، وأنّ الكاتبة انتهجت نهجاً خاصاً (قلّما انتُهج لقلّة سالكيه) وهو ما يُعرف بفنّ المواجهة، مواجهة الذّات ومواجهة المجتمع.. مواجهة التمييز أو الطّبقية والذكوريّة أو حتّى السلطويّة، وكلّ الممارسات القمعيّة وبكافّة صورها، سياسياً وإجتماعياً، وأدبياً بصورة خاصة؛ فتتكامل الرؤية الكليّة داخل الديوان، فتحضر المرأة وتصير إطاراً للحكاية، ونتتبّع مسارات الطّفل وننعم بصفاء الطبيعة، ونعشق قسنطينة، والأرض، كجزء مركزي في بنية الديوان، حيث لا نصبح أمام محض تأويل للإحالات المعرفيّة التي وردت في متن القصائد، بل نصبح أيضاً أمام نصوص تفتح أفق التلقّي، وتسمح بتدفّق سيل من التأويلات البنّاءة.
لاذت الكاتبة في نصوصها بقائمة ثريّة - حسيّة - كوسيلة لاختراق الصّمت السّائد عن كثير من الأوضاع، قائمة انبثقت عنها قوائم عديدة؛ فكان منها القوائم الصوتيّة والبصريّة، والتي أعدّها شجاعة ـ طرح ـ كما إنّها أيضاً إشارة إلى اغتراب عام، ساد العلاقات اليوميّة البسيطة، وتسرّب إلى تشابكات المجتمع الإيديولوجية والفكرية والثقافية.
«أسماء رمرام» وبفضل قدرتها التعبيرية ومهارتها الفنيّة استطاعت الموائمة بين مستوى الدلالة الشّعريّة ومستوى الصوت وهذا مكمن جماليَّة الموسيقى الداخلية، لقد استثمرت «رمرام» اللُّغة الموسيقية الغنية على نحو مذهل.
«أسماء رمرام» إنَّما استهدفت في «الموت.. في جيب الكناية» إنعاش العافية في اللُّغة وتجديد الوظائف العضويّة في جسدها، متجافية عن بلاغيات تقليديّة».
اقتباس من الديوان
كأنّه الموت
قالت البجعة
واختفى الطِّفل الذي بلّل سرواله
في حقول الشُّعراء.
أرى ملحا يبكي
أرى بركة مهملة
أرى سحابا يرسم حذاء أنيقا
لامرأة فقيرة
نسيت شعرها مرسلا
تحت الرذاذ.
الولد الذي
خاف من عصا أبيه فبلّل سرواله
يقرأ على كيس النفايات
قصّة الغابةِ والفأس
الشّجرة والمقصّ
الشحرور والقذيفة
ويحلم
أن يصير حكّاء
ويلفظ العتمة.
قلت لك
سأصير شراعا وموجة
وزهرة لوتس وطائر كناري
وساقية شرقيّة وشجرة سنديان
وأينعت نبوءاتُ القمح في يدي
قبل أن تبدأ ركضك القارس
في تفاصيل دمي.
إيه يا طفل الحكاية..
كم كان وزنك خفيفا
وأنت تعبر الحقل.—