الكاتب محمد الصديق وردي لـ«الشعب»:

وأد الأحلام.. رواية حاملة للأمـل عكس عنـوانها

حوار: حبيبة غريب

محمد الصديق وردي، كاتب شاب 22 سنة من ولاية سعيدة، متخرج ماستر فيزياء إشعاعية، يجمع بسلاسة بين التكوين العلمي والتقني وشغف الكتابة. صدرت له مؤخرا  رواية وأد الأحلام وهي الثانية بعد رواية أولى عنونها «بعد فوات الأوان»، تناول من خلالهما مواضيع اجتماعية بنظرة مبدع شاب يحاول شقّ طريقه في الحياة وفي المشهد الثقافي، كما يشرح له ذلك من خلال هذا الحوار.

«الشعب»: كيف كانت البداية مع الكتابة ومن يشجّع موهبتك؟
محمد الصديق وردي: كانت البداية جد عفوية بفضل صديقي الشهيد الفلسطيني منصف شكري رحمه الله، إذ قال لي يوما أني أملك شخصية كاتب وأني سأتمكن يوما من فرض أسلوب خاص بي إن منحت نفسي الفرصة لذلك. في اللحظة نفسها لم أعر الأمر أهمية أكثر من مجرد حديث عابر مع صديق، لكن بعد خروجه وعدم عودته منذئذ. كنت أعود يوميا على محادثاتنا إلى اليوم الذي وقعت كلماته على قلبي فبدأت ببعض النصوص والقصص القصيرة التي احتفظت بها لنفسي، كنت أكتب وأنا أؤمن بأني لن أشارك نصوصي مع أحد، فاكتسبت شيئا من الحرية في كتاباتي. وبعد سنتين من الكتابة سرا، قرّرت الخروج إلى العلن وذلك بعرض روايتي الأولى «بعد فوات الأوان» إلكترونيا على بعض الأصدقاء الذين شجعوني على نشرها ورقيا.. لقد  قيل لي كثيرا أنه نص من نوع خاص، وأن لي أسلوبا لا يحق لي ظلمه بتركه يقبع في درج مكتبي. أما عن التشجيع فوجدته عند القلة من الأصدقاء الذين أملكهم، من لم يتهاون في مدّ يد العون ولم يتردّد في نقد كتاباتي وتسطير أخطائي وعثراتي من أجل رؤيتي أحسن مما قبل.

- حدثنا عن أول إصداراتك، رواية «بعد فوات الأوان»؟
 تحمل الرواية الاجتماعية «بعد فوات الأوان» في صفحاتها الـ143، تجسيدا لما قد يفقده الإنسان عندما لا ينتبه للتفاصيل المهمة في الوقت المناسب. فتحقيق الأحلام لا يكون بنفس الطعم بعد فوات أوانه عندما يجف رونقها وتنطفئ شمعتها.. ماما كوجبة ساخنة في ليلة عاصفة، تفقد طعمها عندما تبرد. كذلك يكون تقدير الأشخاص بقيمتهم الحقة بعد انصرافهم أو مغادرتهم سكة الحياة... أما الجنون، فهو عاقبة إدراك جميع الأخطاء المرتكبة، حيث لا مجال لتصحيحها أو التراجع عنها. وما العمل بعد فوات الأوان إلا مواصلة اللف والدوران في الفراغ كدوران عقارب الساعة حول بعضها وهي تدسّ سمها في أعمارنا.
تسرد الرواية قصة الشاب هاري: محامي إنجليزي يحاول فك لغز مقتل أحد أقاربه..
موت رفع الستار عن عديد من الأسرار لم يكن الشاب مستعدا لرفعها ووضعه أمام تحديات ومغامرات لم يكن قادرا على خوض دروبها وحيدا. لكن الحياة فرضت عليه الارتجال والمضي قدما لحل ألغاز الماضي وفتح كل الأبواب التي تنتصب أمامه كلما قام بفتح باب سابق. ليقف أمام حائط الواقع الذي ارتطم به العديد ممن سبقوه بسبب تسرّع منهم. فهل سيقوم هاري بتسلق الحائط للعبور؟ أم أنه سيعود أدراجه لتصحيح أخطاء غيرت طريقه، أخطاء لم يكن مسؤولا عنها، لكنه اضطر إلى تحمل عواقبها. كان هاري بمثابة صبي بين يدي قدره، يدفعه على أرجوحة أقوى فأقوى ويجعله يتأرجح من الوحدة إلى الحب ثم الخوف بينما يعزف موسيقاه الحزينة ويتركه تائها بين هذا وذاك إلى أن أفلت الحبال وسقط على الأرض متسببا في كسره وكسر قلبه، عندما يضرب القدر بقبضة عمياء لا يفرق فيها بين الضعيف والقوي، فهما أمامها سواء، عندما يتطلب تحدي القدر الكثير من التضحيات وتجاوز العديد من الخطوط الحمراء، ارتكاب الكثير من الحماقات والمجازفة بأعز ما يملك أحدهم من أجل تحقيق غاية مجهولة.

- ما هو الموضوع الذي تتطرّق إليه الرواية الجديدة «وأد الأحلام»؟
 أما الثانية فرواية «وأد الأحلام»، وعلى خلاف ما يوحي به العنوان، فهو كتاب يشع بالأمل، وقد يدفع بأحدهم إلى النهوض ونفض الغبار عن نفسه، والسعي متحديا والده اللئيم «المجتمع» الذي يظلمه ويضع العقبات في طريقه وكله رغبة في رؤيته مكسورا كسائر إخوته من أبناء الوطن، كل هذا تحت أنظار أمه «الوطن» التي أرغمت على الصمت، لا حيلة بيدها إلا دموعها. هو كتاب من بين الكتب التي تحمل بين طياتها جملة واحدة ستقع على قلب أحدهم فتغير نظرته نحو هذه الحياة، وتجعله يبتعد عما يؤذيه، فيقوم بتكوين نفسه ولا يكترث لما سيخسره في سبيل ذلك، ويعود ناجحا إلى ما كان يؤذيه، ويضع النقاط على الحروف؛ يصرخ في وجه المجتمع الذي قام بقمعه طوال أعوام ذروة عطائه.
 
-  لماذا يلتمس نوعا من الكآبة في عناوين إصداراتك؟
لأني ذلك الشاب من الطبقة المتوسطة، الذي يعمل بجد من أجل تحقيق غاية أكبر مما يفرضه علينا الواقع، واصطدمت أكثر من مرة بجدار هذا الأخير، سقطت كثيرا، تعثرت ونزفت في أكثر من موضع، لو أخذت شابا مثلي وشابا آخر من طبقة أخرى من هذا المجتمع، وحددت لنا الهدف نفسه، فأنا الذي يستوجب علي العمل أضعافا مضاعفة من أجل الصعود إلى تلك المرتبة. فأظن أنه من غير المعقول أن تنتج هذه الضغوطات شخصا متفائلا يوزع الورود على قارعة الطريق والابتسامة تزين محياه. لكن هذا لا ينفي وجود الأمل بين سطور حياتي وكتاباتي، فالأمل موجود حتى في أعمق الحفر.

- ما هو السبب وراء كتابة الرواية دون الأجناس الأدبية الأخرى؟
في الواقع لا أزال أبحث عن ميداني، وأحاول في المستقبل القريب بإذن الله تجريب أكثر من جنس أدبي واحد، بغية إيجاد طريقي نحو إنتاج نص أدبي جدير بكاتب جزائري.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024