تحتضن جامعة ابن خلدون ـ تيارت، يومي الاثنين والثلاثاء من الأسبوع الجاري، الملتقى الوطني الأول حول «ثقافة المقاومة: الشعر والموسيقى والغناء». ويُنتظر أن يبحث المشاركون في الملتقى توظيف الشعر والأغنية الملتزمة توظيفا رمزياً، وآليات إعادة قراءة الأعمال الشعرية الوطنية، ومحاولة إعادة صياغة التاريخ وفقها، والذكريات التي تحملها هذه الأعمال وكيفية الاستفادة منها، وكذا مكانة الشعر والأغنية الملتزمة في البرامج الجامعية.
ينظم قسم اللغات الأجنبية بكلية الآداب واللغات، بجامعة ابن خلدون ـ تيارت، الملتقى الوطني الأول حول «ثقافة المقاومة: الشعر والموسيقى والغناء»، وذلك يومي الإثنين والثلاثاء 7 و8 من جوان الجاري.
ويحاول هذا الملتقى الإجابة على كثير من الأسئلة، منها: كيف يتمّ توظيف الشعر والأغنية الملتزمة توظيفا رمزياً؟ وما هي آليات إعادة قراءة الأعمال الشعرية الوطنية، ومحاولة إعادة صياغة التاريخ وفقها؟ وما الذكريات التي تحملها هذه الأعمال؟ وكيف نستفيد منها في حاضرنا لاستشراف المستقبل؟ وما هي الطريقة الواجب اتخاذها لتعليم الأناشيد الوطنية والأغاني الملتزمة (ندوة، دورة، ورشات تعليمية...)؟ وما مكانة الشعر والأغنية الملتزمة في البرامج الجامعية؟
وللإجابة على هذه الإشكالات وغيرها من التساؤلات، ارتأى منظمو الملتقى، الذي ترأسه أ. مليكة مرايم، تقسيمه إلى مجموعة محاور، أولها عن «شعر الالتزام، وثقافة المقاومة عند الشعراء»، وثانيها عن «الأغنية الملتزمة إبداعا، توزيعا، استقبالا»، وثالثها، «أدبية وسيميائية الأغاني الوطنية العربية والفرونكوفونية والانجليزية». أما المحور الرابع فيتعلق بـ»أساليب وتقنيات تعليم وتدريس الكونتولوجيا»، ويتطرّق المحور الخامس إلى «البلاغة والشعرية من خلال الأناشيد والأغاني الوطنية كجنس أدبي»، فيما يدرس المحور السادس والأخير «التمثلات الفردية والجماعية للأغنية الوطنية في الجزائر».
وانطلق الملتقى من أفكار نذكر منها جدال دانتي الذي أكّد في كتابه « De vulgari eloquentia» في بداية القرن الرابع عشر، أنّ «كلّ الكلمات الموضوعة في الشّعر هي أغانٍ» منذ عصور خلت، رؤية تجلت مع بداية العصور الوسطى الذي ظهر فيها فنّ «التروبادور»، الذي ابتكره ناظمو القصائد الشعرية المصحوبة بالموسيقى. ومع نهاية العصور الوسطى وتحديدا منذ القرن السادس عشر، بدأت حركة فصل الموسيقى عن الشعر، وأضحت القصيدة كيانا مستقلا بذاته له موسيقاه الخاصة به، وهو ما عمدت إليه الحداثة التي جعلت القصيدة لتُقرأ بصمت، ورسّخت الأغنية نفسها كفنّ مستقل بذاته، ومع مطلع القرن العشرين شهد الشعر احتفاءً واهتماما كبيرين، ليصبح النصّ المكتوب، مرة أخرى، نصًا لأغنية مؤداة بلحن مخصوص، موجهة إلى جمهور أكبر بكثير من النوع المحدّد في القرن التاسع عشر. وهو النوع الذي أثبت وجوده في عصر النهضة، حيث عمد كثير من المغنين «الشهيرين» إلى التغني بالشعر الذي لم يكن مقصودًا للغناء في الأماكن العامّة، وهكذا تحوّلت قصائد الشعراء إلى «كلمات» لأغان مشهورة متداولة.
وفي الجزائر، لعب الشعر دورا مهما في ثقافة المقاومة، ونشر الوعي الوطني، وقد رافق الشعر الشعبي كلّ حركات المقاومة التي انطلقت ضدّ المحتل.
كما كتب الشعراء نصوصاً تنبض بالروح الوطنية وحبّ الوطن، ويذكر منظمو الملتقى أمثلة على ذلك، على رأسها بطبيعة الحال النشيد الوطني الجزائري الذي نظّمه مفدي زكريا ولحّنه محمد فوزي، وكذا قصيدة «من أجلك عشنا يا وطني» التي ألّفها عمر البرناوي ولحّنها شريف قرطبي، وأدّاها جوق التلفزيون الجزائري، ونشيد «من جبالنا»، ونُسب تأليفها إلى الشاعر محمد العيد آل خليفة وأبدع محمد الهادي الشريف في تلحينها، و»أنغام الجزائر» للشهيد علي معاشي، التي تضمنت لازمة صدحت بها الفنانة الراحلة نورة، وحتى أناشيد عربية اتسع صداها ومداها، مثل «موطني» للشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان وألحان محمد فليفيل، التي نُظمت في البداية للمقاومة الفلسطينية، قبل أن يُتغنى بها في مختلف الأقطار والأمصار