أعلن مركز المنار للبحوث والدراسات والترجمة تنظيمه «المؤتمر الدولي الافتراضي الأول للسرديات في موضوع الكتابة والمنفى». ويحاول هذا المؤتمر، الذي ينظمه «المنار» بمعية مخابر وهيئات جامعية أخرى، البحث في كيفية تمثيل الكتابات العربية تيمة المنفى «وأخواتها»، والقيمة الجمالية للتعبير عن المنفى في المنتوج العربي الأدبي، وتمثيلات الذات والأنا والهوية والآخر في خطابات صناع التخييل المنفيين.
ينظّم مركز المنار للبحوث والدراسات والترجمة، بمعية كلّ من قسم اللغة العربية وآدابها (جامعة جيجل)، ومخـبـر بحوث في الأدب الجزائـري ونقده (جامعة الوادي)، ومخبــر الشعريات وتحليل الخطاب (جامعة عنابة)، وكذا مختبر السرديات والخطابات الثقافية بكلية الآداب (الدار البيضاء، المغرب)، ينظمون «المؤتمر الدولي الافتراضي الأول للسرديات في موضوع الكتابة والمنفى»، وذلك يومي 20 و21 سبتمبر المقبل، على أن يكون آخر أجل لإرسال الملخصات هو الخامس جوان المقبل.
ويأتي اختيار تيمة المنفى لتكون محور ملتقى دولي كهذا، في وقت تعاود فيه القضية الفلسطينية ومسألة الطرد القسري والتهجير لتشتعل مرة أخرى، وتتصدر العناوين الأولى، وهي التي تصنع مشهدا كئيبا منذ منتصف القرن الماضي.
ويرى منظمو التظاهرة العلمية أن الكتابة «لم تكن يوما، طمعا في الشهرة، التي هي مرحلة انتقالية ووهم من أجل الخلود». بل إن كل كاتب يكتب، حسبهم، «إلا ويسعى إلى تلبية نداء داخلي يحقق له الرضى والامتلاء، فالكتابة هي شكل من أشكال الحياة والعيش المشترك».
والمنفى، يقول المنظّمون، هو واحد من المظاهر المرتبطة بفعل الكتابة منذ الأزل، وهو أحد الأقدار التي تدعو إلى الكتابة وتحرّض عليها وتثمنها تثمينا عاليا. لم يخل زمن من فعل الإبعاد كنوع من أنواع العقوبة المسلطة على الإنسان، فيتيه تيها مروعا بعيدا عن العائلي والمألوف وعناصر الذاكرة الاجتماعية والجمعية والهوية المشتركة، إلى أن يصير منبوذا دون عزاء ولا أهل أو أصدقاء، فيحيا منفاه في عذابات مضاعفة؛ السعي إلى النسيان ومحاولة الانسجام مع الكيانات السوسيو-ثقافية-إيكولوجية الجديدة. وقد امتصّ الأدب، بعامة، هذه الموارد المرة، وانغرس فيها فأنتج مدونات أدبية تنز بشتى الإشكالات، وتمكنت الرواية، بخاصة، من التبلور من داخل إشكالات المنفى والهوية والذات والآنا والآخر متجلية وفق طرائق سردية تخييلية وجماليات متنوعة ومتعددة.
لذا لا عجب أن يظل موضوع المنفى في الكتابة الإبداعية موضوعا قديما وجديدا ومتجدّدا في آن واحد تحت تسميات متعددة مثل أدب الشتات، أدب الهجرة، أدب المهجر، وغيرها من التسميات التي تدل على انشغالات أدبية بقضايا الاقتلاع، الإزاحة، الاغتراب، الاستيعاب والاندماج، والبحث عن موطئ قدم في الوطن الجديد، والحنين المزمن إلى الوطن القديم، وفي النفس تتصارع رؤيتان وشعوران هما «لا كرامة لنبي في وطنه»، و»كم منزل في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبدا لأول منزل».
وعليه، «ارتأينا الخوض في هذا الموضوع الإنساني المفعم بالشجن، والهواجس الإنسانية، وهي في أقصى تناقضاتها: فكيف مثلت الكتابات العربية تيمة المنفى وأخواتها؟ ما القيمة الجمالية للتعبير عن المنفى في المنتوج العربي الأدبي؟ وما هي تمثيلات الذات والأنا والهوية والآخر في خطابات صناع التخييل المنفيين؟». يتساءل القائمون على المؤتمر، الذين اقترحوا، في سبيل الإجابة عن هذه الأسئلة، مجموعة محاور، أولها هوية وجوهر كتابات المنفى، وثانيها تمثيل المنفى وتخييله، وثالثها كتابات المنفى وصراع الهويات، ورابعها التيمات الخالصة بكتابات المنفى، وخامسها إشكالية اللغة في كتابات المنفى، وسادسها أثر المنفى في جماليات النص الأدبي، أما المحور السابع والأخير فهو رهانات تلقي كتابات المنفى بين القارئ «الغريب» والقارئ الأصلي.
وأكّد المنظّمون أنّ البحوث المشاركة تقبل باللغات العربية، والفرنسية، والإنكَليزية، فيما يشترط أن «يدفع المشاركون مبلغ 50 يورو لطباعة كتاب المؤتمر».
للإشارة، ترأّس د - مديحة عتيق المؤتمر، وترأس د - منى بشلم لجنته العلمية، ود - صليحة سبقاق لجنته التنظيمية، فيما أسندت رئاسة اللجنة الإستشارية للدكتور السعيد بوطاجين.