بعد نجاح مبادرتها الأدبية، حبيبة محمدي تؤكّد لـ «الشعب»:

الشِّعـرُ ماهيـةُ وجـود بالنّسبة لي.. وسأظــل أدعّـم مواهـب وطني

حوار: نور الدين لعراجي

 تجربة متعبة بكل تفاصيلها التّقنية لكنها ممتعة ومبهرة بنتائجها

أطلقت الكاتبة الدكتورة حبيبة محمدي مبادرة ثقافية تمثلت في جائزة شعرية مفتوحة لكل المبدعين العرب، خصّصت لها لجنة تحكيم مؤهلة متكونة من أسماء ثقيلة أكاديميا ومعرفيا، حيث أظهرت المبادرة تعطش الكثير لمثل هذه المنافسات من خلال نسبة المشاركة في المسابقة. وعن خوضها فكرة تنظيم مثل هذه المبادرات بحكم أنّها شاعرة وأستاذة محاضرة في «فلسفة الفن والجمال» بجامعة الجزائر، أكّدت أنّ نجاح الجائزة فاق كلَّ توّقعاتها، فهي تؤمن أنّ الإبداع فاعل في تقريب الرؤى ومعرفة الآخر،  حيث سبق لها وأن مثّلت الجزائر في مهرجان اليوم العالمي للشعر بموسكو تحت رعاية «اليونسكو» في 21 مارس 2021. كما عملت فيما سبق كمسؤولة بالمركز الثقافي الجزائري بالقاهرة، وكان لها دور فعّال في مد جسور التواصل بين مصر والجزائر  وتوطيد العلاقات الثقافية والإعلامية بين البلدين.

-  الشعب: هل لكم أن تحدّثونا عن جائزة حبيبة محمدي للشعر؟
 الدكتورة حبيبة محمدي: الجائزة مبادرةٌ فردية مني كشاعرة ومثقّفة، حاولت من خلالها أن أكون فاعلةً في مجتمعي وأمّتي العربية، لإيماني المطلق بقوميتنا العربية، وبقيمة دورنا كأفراد من أجل نشر الإبداع والجمال في حياتنا، ومن جهة أخرى دعم وتشجيع الشباب وحثّه على الإبداع، إيمانًا منا بقيمة الشِّعر في حياتنا، وبالمواهب في الجزائر وكل بلادنا العربية، وهي مفتوحة لكل الشباب المبدع لعلّنا نحقق من خلال الشِّعر والكلمة ما لم نستطع تحقيقه بوسائل أخرى، من وحدةٍ وأخوّةٍ بيننا ومحبّة.
المبادرة لاقت صدى إعلاميا وثقافيا في الجزائر وفي الوطن العربي، وهي محضُ فكرة، فكل أحلامنا الجميلة بدأت أفكارا، ففي البدء كانت الفكرة، والجائزة وقد حملت الدورة الأولى موضوع «الأمّ» بكل ما تحمله هذه الكلمة من معانٍ إنسانية كبيرة وقيم، نلخصها في قيمتيْن هامتيْن في حياتنا هما «الحب والعطاء»، وذلك امتنانًا لدور الأمّ في حياة الإنسان وقيمتها في وجداننا جميعا ووفاءً شخصيا منّي لأمّي رحمها الله.
بدأنا بإرادة خالصة في العمل والفعل الثقافي من أجل بلادنا وأمتنا، ورغم بعض الصعوبات والإحباط  وعدم وجود دعم مادي، إلا أنني يجب أن أستمر من أجل عيون الشعر في حد ذاته كماهية وقيمة لأن في هذا الزمن الذي كثر فيه الشعراءُ المزيفون وقلّ الشِّعرُ يجب حماية الشعر من الدخلاء والمزيفين.
-   هل كانت شروط المسابقة موافقة بالنسبة للمشاركين؟
  وضعتُ شروطا للجائزة ليست معجزة للمتسابقين، حيث ان الجائزة مفتوحة أمام الشباب في الجزائر ومنها إلى كل الوطن العربي  على ان تكون القصيدة مكتوبة باللغة العربية الفصحى، بالإضافة  الى انها مفتوحة أمام جميع أشكال الكتابة الشِّعرية وأنواع الشِّعر، أما السِّن فهو مفتوح لإيماننا ألاَّ عمر للإبداع، ولأنّني لست مؤسسة حاولت أن أوفر بعض الجذب للمتسابقين لوضعهم في جو المنافسة الجميل، مع مراعاة موضوع المسابقة الذي تم تحديده سلفا، ويتعلق بفكرة «الأم» سيدة القصائد حسب شعار الجائزة وموضوعها لهذه الدورة..وكانت هناك نصوص جيدة وجميلة ولكنها حادت عن الفكرة الأصلية للجائزة، مع حرصنا على توفر بطاقة هوية صاحبها لأنها  ضرورية، فنحن لا نتعامل مع مجهولين وللأسف كم كانت هناك  نصوص جيدة ولكن أصحابها لم يرسلوا هوياتهم، وأحيانا يعجبني نصا كنت أستخسر ألا يشارك، فكنت أتصل مرة أخرى بصاحبه أو صاحبته ليرسلوا الهوية.
-   كيف عملت لجنة التحكيم وهي من بلدان مختلفة؟
  لجنة التحكيم لهذه الدورة، مكوّنة من ألمع الأسماء في الشعر  والأدب والنقد، في الجزائر والوطن العربي، والذين أنحني لرقيهم وإيمانهم بنبل وإنسانية الفكرة، وتطوعهم بالوقت والجهد وربما لثقتهم في شخصي المتواضع وفي اسمي كشاعرة، الذي صنعته منذ سنين طويلة بتعب وجهد، فهي تضم من الجزائر كل من الشاعرة زينب الأعوج، الناقد مشري بن خليفة، الإعلامي مراد بوكرزازة، ومن مصر الناقدة نانسي إبراهيم، ومن تونس الشاعر منصف الوهايبي، ومن المغرب الشاعرة دليلة حياوي، ومن العراق الدكتورعلي الشلاه ومن البحرين الشاعرة والإعلامية بروين حبيب وهي أسماء وازنة ومن ألمعها في الجزائر والوطن العربي، وتمّ العمل والتوصل بينهم  باحترافية عالية وبموضوعية ومصداقية لا تخطئها العين، فهذا حدث كبير وتم الإعلان عن القصائد الفائزة في 21 مارس المصادف لعيد الأم العربي. في حفل عبر تقنية «الزووم»، بمشاركة وحضور جميع  أعضاء لجنة التحكيم، نظرا للظروف التي يعيشها العالم جراء وباء كورونا  وأغلب  الأعضاء  متواجدون خارج البلاد، كما يصعب الحضور من الأقطار العربية.
- ما هو تقييمكم للتجربة أمام شح المبادرات؟
 أعتقد لو حقّقت هذه المسابقة فقط أنّها جمعت الأسماء من كل بلد عربي، وتجمعُنا كجامعة عربية مصغرة فقد حققنا هدف الوحدة العربية التي طالما كنا نحلم بها، ويكفيني شرفًا وسعادة تجميع كل هذه الأسماء  العربية في قائمة واحدة، عنوانها «الشِّعر والمحبّة والعروبة»، فهي تجربة هامة في حياتي كشاعرة ومثقفة تسعى إلى الفعل الثقافي، تجربة كانت متعبة بكل تفاصيلها التقنية لكنها ممتعة ومبهرة بنتائجها.
أن تقدّم للسّاحة الشعرية والمشهد الشعري في الجزائر والوطن العربي اربعة  شعراء، «أذكر هنا أنه تم منح جائزة لجنة التحكيم الخاصة لمتسابق رابع»، وذلك من بين حوالي 250 نص، وصلنا من مختلف الأقطار  العربية، وكان هناك فرز أوّل ثم فرز ثانٍ وثالث وصلت فيه النصوص إلى 25، والأخير هو إعلان النتائج، أن يحدث ذلك بجهود فردية بحتة خالصة مني.
-   هل واجهتكم بعض العراقيل؟
 واجهتني بعض العراقيل «البيروقراطية « لأنها مبادرة فردية، لكن لن أتحدث عن تفاصيلها، تجنبا للطاقة السلبية فأنا أريد لمبادرتي الاستمرارية من أجل الشباب الذين وعدتهم أن أكون بجانبهم مهما كلفني الأمر سأستمر بإمكاناتي المتواضعة، وأذكر على الهامش أن المبادرة ولكي تأخذ طابعًا قانونيًا نوعًا ما، تحققت أو أُنجزت بصفتي الأولى كشاعرة وكانت بالتعاون مع المندوبية العامة المساعدة لـ «حركة شعراء العالم» عن الوطن العربي ومع مندوبية هذه الحركة عن الجزائر وذلك بصفتي الثانية، وهي الأمينة الوطنية لـ «حركة شعراء العالم» بالجزائر، ومن خلال هذه المساحة أناشد المؤسسات الرسمية وقطاع الثقافة في بلادي الجزائر، وهم أولى وأحق بالتعاون معهم أرجو منهم المساندة المعنوية فقط، وهي تأسيس جمعية ثقافية نشتغل تحت إطارها  حتى نضمن لها الاستمرارية.  
- كيف تلقّيتم المشاركات من حيث الكم والمحتوى؟ وكيف كانت عملية الفرز؟
 الحقيقة لم أكن أتوقع هذا الكم من المشاركات ومن مختلف دول الوطن العربي، حيث وصلتني ما لا يقل عن 250 قصيدة من دول عربية شقيقة من بينها «تونس، المغرب، مصر، فلسطين، العراق، اليمن، السعودية، سوريا، وحتى عرب في تركيا من الأردن،  وطبعا العدد الأكبر من الجزائر.
بالنسبة لي كلهم متوّجون وكلهم فائزون، كما سبق أن ذكرت، بعد عملية فرز عميقة راعينا فيها الشروط الضمنية والشكلية للمشاركة وصل العدد إلى 50 ثم إلى 25 كرقم نهائي ليخرج بعد ذلك الفائزون الثلاثة.
-   كيف كانت مستويات النّصوص العربية المشاركة؟
  كانت النصوص متقاربة في جمالياتها، والقصيدة ما بين الشعر العمودي، الحر والقصيدة النثرية وبعد مداولاتٍ عميقة وموضوعية من أعضاء اللجنة ومناقشات بينهم جميلة وسلسة، عبر حساب خاص بالأعضاء فقط ولا أحد من خارج المجموعة مسموح له بالدخول أو الإطلاع على النقاش ولا على المحادثات بيننا، وكنتُ بعيدة كل البعد عن نقاشات لجنة التحكيم، لأظل محايدة وموضوعية وتكون الجائزة ذات مصداقية.
@  أسفرت النتائج عن فوز ثلاثة شعراء، من أي الأقطار العربية هم؟
@@  فعلا المتوجون هم فسيفساء عربية خالصة، حيث توج المبدع  «تمام حسين طعمه» من سوريا بالمرتبة الاولى عن نصّه «آيات مخملها»، أما الفائز الثاني فهو «مسلم رُبْواح» من  الجزائر عن نصه «دمعتان على قبرٍ واحد»، اما الفائز الثالث فهو «عبد العظيم محمود عمران» من مصر» عن نصّه «الجنّة الغائبة».
كما ارتأتْ لجنةُ التحكيم منح جائزة خاصة للشاعر المتسابق «وحيد طباخ» من «الجزائر» عن نصّه» كُنْ ليّنا يا قبرُ». هذا وتم عبر «الزووم «الاحتفاء بالفائزين والاتصال بهم مباشرة هاتفيا لإدخال الفرحة عليهم كمفاجأة في جوّ سادته المحبّة ودفءُ الشِّعر والمشاعر معًا، ولكَ أن تتصور مدى سعادتي عندما استطعت تقديم أربعة فرسان للمشهد الشِّعري العربي، وأن أسعد قلب شاعر شاب وأشجّعه.
-   هل كان المال عائقا في بعث المبادرة ؟
  لم يكن المال أحد العناصر التي سعيتُ إلى جذب المتسابقين به لأنني لست مؤسّسة، لا دعم مالي لدي من أي جهة، كان هدفي هو جمع هذا العدد الكبير من الشعراء ليكتبوا ويتنافسوا تحت تأطير أكاديمي قدمت لهم فرصة تجميع مجموعة من الأسماء اللامعة في الوطن العربي من أجل التقييم والتحكيم وهذه فرصة رائعة لهم.
عنصر الجذب هو هذه الأسماء التي استغلت بمهنية عالية واحترافية وموضوعية ومصداقية، ولو كان ما حققَتْه المسابقة هو هذا الجمع الرائع من أعضاء لجنة التحكيم وشعراء بنصوصهم الجميلة من مختلف الأقطار العربية، فقد حققنا هدف الوحدة العربية عبر الشعر والكلمة والإبداع وهذا يكفينا، بقي أن أقول إن  الجوائز ليستْ دائما بقيمتها  المالية،  فجائزة  «غونكور»وهي أشهر جائزة في فرنسا عندما بدأت لم تكن تتعدى الـ 10 يورو.!
-  هل من كلمة أخيرة؟
  مبادرة  «الأمُّ سيّدةُ القصائد» لاقت صدى كبيرا داخل الوطن وخارجه؛ هذا لم يكن ليحدث لولا الإعلام الثقافي الملتزم الذي رافقنا ايضا في هذه المبادرة وإذ أشكركم، ومن خلالكم أيضا كل مَنْ كتب عن التجربة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024