توفيت السيدة فوزية مناصري، التي عرفها الجمهور الجزائري والعالمي بدور حسيبة بن بوعلي في فيلم «معركة الجزائر»، ليلة أول أمس بالعاصمة عن عمر ناهز 79 عاما. كان عمر فوزية حينذاك يقارب 25 عامًا، وقيل إنه على الرغم من مقترحات الإيطالي جيلو بونتيكورفو مخرج «معركة الجزائر» فإن فوزية مناصري لم ترغب في مواصلة مسيرتها كممثلة، ليكون أداؤها لدور حسيبة بن بوعلي مغامرتها السينمائية الوحيدة.
وكان آخر ظهور لفوزية على الشاشة حينما قدّمت شهادتها على تصوير فيلم «معركة الجزائر»، شهادة وثّقها المخرج سليم عقار في فيلمه الوثائقي «قصة فيلم معركة الجزائر» الذي بثّه التلفزيون الجزائري قبل قرابة السنة، وهي الشهادة التي قالت فيها إنّها كانت مارة في ساحة الشهداء لشراء بعض المستلزمات حينما سمعت من يناديها «يا آنسة، يا آنسة»..»طبعا لم أستدر»، تقول فوزية مناصري، «فأصرّ وتقدّم نحوي سيد وقال لي إنّنا نبحث عن شخص مثلك لتصوير فيلم معركة الجزائر..وقيل لي إن الأمر يتعلق بدور حسيبة بن بوعلي، فهل تقبلين؟ فقلت نعم».
ويعدّ هذا الدور لشخصية محورية في الواقع التاريخي أو في العمل السينمائي، فهو لشهيدة كتبت اسمها بحروف من ذهب في ما عُرف بمعركة الجزائر إبان حرب التحرير، وهو ما عكسه دورها في الفيلم الذي يحمل نفس الاسم.
ويذكر أن معركة الجزائر فيلم جزائري تاريخي حربي أنتج عام 1966، مقتبس من سلسلة كتب للمجاهد ياسف سعدي، الذي هو منتج الفيلم في آن لوقت، أخرجه المخرج العالمي الإيطالي جيلو بونتيكورفو، وكان في بطولته إبراهيم حجاج في دور علي لابوانت وجان مارتن وياسف سعدي.
الفيلم يروي فترة من فترات كفاح الشعب الجزائري في العاصمة الجزائرية إبّان ثورة التحرير الوطني الكبرى من بطولات شعبية ضد الاستعمار الفرنسي. تم تصويره في نمط إخباري مستوحى من روسيليني - بالأبيض والأسود مع نمط تحرير وثائقي - غالبا ما يرتبط بالسينما الواقعية الجديدة.
نال الفيلم جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية عام 1966، وجائزة النّقد خلال مهرجان كان في نفس السّنة، كما ترشّح لثلاثة جوائز أوسكار كأحسن فيلم وأحسن إخراج وأفضل سيناريو. كما احتل المرتبة 48 في أفضل 250 فيلم من النقاد في استطلاع الرأي والصوت لعام 20120 في قائمة مجلة إمبير لأفضل 500 فيلم في كل العصور. وما يزال يعتمد على هذا الفيلم في تدريس حرب العصابات والحرب الحضرية وطرائق مواجهتها في عدد من الكليات الحربية والعسكرية، وقد حدث ذلك في الحرب على العراق كما سبق وأن أكد لنا منتج الفيلم ياسف سعدي، في اتصال هاتفي ربطنا به قبل سنوات. كما نالت موسيقى الفيلم، التي ألّفها الموسيقار إنيو موريكوني، شهرة كبيرة، وأعاد توظيفها مخرجون عالميون على غرار كوينتين تارنتينو. كل هذا يثبت أهمية العمل الذي شاركت فيه الفقيدة فوزية مناصري، وكانت من بين أسباب نجاح الفيلم ودخوله سجلّ الخلود، وهو الذي يخلّد بدوره تضحيات الشهداء ونضالاتهم في سبيل حرية الجزائر.
رحم الله شهداء الجزائر، ورحم فوزية مناصري التي خلّدت في عقول الجزائريين شخصية الخالدة حسيبة بن بوعلي.