الكاتبة والناقدة..نسيمة بوصلاح لـ “الشعب”:

النقــد الأدبي في الجزائر بحاجة إلى تأصيل فكــري

فاطمة الوحش

في خضمّ التحدّيات التي تواجه النقد الأدبي في الجزائر، تتجلّى إشكاليات عدّة تعوق تطوّره، أبرزها غياب التأطير الفكري والرؤية الواضحة التي تحوّله من جهود فردية إلى حركة نقدية متكاملة. في هذا السياق، تحدّثت الدكتورة بوصلاح في تصريحها لـ “الشعب” عن الواقع الراهن للنقد الأدبي الجزائري، مشيرة إلى أوجه القصور في المؤسّسات الأكاديمية والعلاقة المتوتّرة بين النقّاد والكتّاب، مع تقديم رؤية نقدية تتطلّب تغييرات جذرية لإعادة الاعتبار لدور النقد كقوّة فاعلة ومستقلّة في المشهد الأدبي.

أكّدت الدكتورة نسيمة بوصلاح، أنّ الجهود النقدية في الجزائر، رغم وجود جهود فردية منذ محمد مصايف وعبد الله الركيبي، إلا أنّه لا يمكن تصنيفها حركةً نقدية حقيقية كما هي الحال في بعض الحركات النقدية العالمية مثل الشكلانيين الروس أوgroup u أو جماعة  tel quel  وفقًا للدكتورة، وقالت “لا يمكن الحديث عن حركة نقدية جزائرية إلا إذا كانت تستند إلى رؤى فكرية وفلسفية موحّدة ذات هدف محدّد، وهو ما يفتقر إليه الواقع النقدي الحالي في الجزائر.”
وأضافت أنّ المخابر الجامعية التي تعنى بالشأن النقدي لم تنجح في تقديم أعمال نقدية متكاملة أو متوائمة تخدم حركية وفاعلية النقد بل انخرطت في التنظير والأكاديمية، يظلّ النقد في الجزائر تابعًا للعملية الإبداعية، حيث يتغذّى النقّاد من الأعمال الأدبية التي يخلقها الكتاب. وهو ما يساهم في تبعية النقد للأدب، رغم محاولات النقاد في الوقت الراهن أن يصبحوا مرشدين للكتابة الأدبية.
وتطرّقت الدكتورة بوصلاح إلى معضلة أخرى، وهي أنّ الكثير من النقّاد كانوا في البداية كتّابًا فاشلين في مجالات الأدب، وهو شبح سيظلّ يطاردهم في ممارساتهم النقدية. وأشارت إلى مثال الفرنسي Sainte-Beuve الذي بدأ كاتباً فشل فشلا ذريعا وتحوّل إلى النقد ورغم تقديمه للكثير من الانشغالات النقدية المهمّة، إلا أنّ فشله الأدبي السابق ظلّ يلاحقه في الأوساط الأدبية.
وأوضحت أنّ العلاقة بين الأدب والنقد عموما متوترة، حيث يرى الكتّاب أنّ النقد يشكل تهديدًا لحرية الإبداع ويقلّل من قيمة الاختلاف في الكتابة. وأعطت مثالًا بموقف راهن لروائي جزائري شهير استخدم حجّة “الواقعية” للدفاع عن روايته التي أثارت الجدل بسبب الألفاظ النابية، في حين أنّه استخدم حجّة التخييل حينما وجّه له انتقاد حول مشهد صلاة الجنازة التي وصفها بأنّها تؤدّى جهرا واعتبر هذا الانتقاد تضييقا على الكتابة.
وفي ختام تصريحها، أكّدت أنّ النقّاد النصّانيين حاولوا التخفيف من حدّة العلاقة بين النقد والأدب، ولكنّ ذلك أدّى إلى تشويه حقيقي لمفهوم النقد، حيث تمّ ترويج فكرة أنّ القراءة النقدية يمكن أن تكون خاطئة بمقدار قوّة القارئ. وهذا، في نظرها، لا يعدو أن يكون فخًا يعلي من شأن القراءة النقدية على حساب النصّ المقروء.
وأكّدت نسيمة بوصلاح، أنّ النقد الأدبي الحقيقي يحتاج إلى أدوات قويّة واستعداد لخلق عداوات أدبية من أجل أن يتمّ اعتباره ناقدًا حقيقيًا، بينما يبقى الآخرون مجرّد “قرّاء” لا يضيفون شيئًا للمشهد الأدبي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19673

العدد 19673

الثلاثاء 14 جانفي 2025
العدد 19672

العدد 19672

الإثنين 13 جانفي 2025
العدد 19671

العدد 19671

الأحد 12 جانفي 2025
العدد 19670

العدد 19670

السبت 11 جانفي 2025