عمر فطموش من برنامج «سجالات ومعنى:

«يجب العودة إلى خصوصيّاتنا..والبنايات الكبيرة لا تصنع مسرحا»

أسامة إفراح

نزل المسرحي عمر فطموش، أمس الثلاثاء، بالنادي الثقافي «عيسى مسعودي»، ضيفا على برنامج «سجالات ومعنى» للإذاعة الثقافية. وتطرّق فطموش إلى بعض من خلاصة تجربته المسرحية، التي سنحت له بتكوين نظرة عن واقع الفن الرابع الجزائري، واقع لخّصه في وجود نشاط مسرحي وغياب مسرح جزائري..كما أكّد فطموش على محورية التكوين وضرورة إدراج المسرح كمادة في المقرر المدرسي، وإشراك المتلقي في المسرحية اقتداءً بتجربة علولة المسرحية.
هناك نشاط مسرحي في الجزائر، ولكنّني لم أجد المسرح الجزائري..بهذه العبارة قيّم عمر فطموش واقع الفن الرابع عندنا..قبل ذلك، عاد فطموش إلى اختياره مؤخرا على رأس لجنة التحكيم في دورة المهرجان العربي للمسرح التي احتضنتها القاهرة. وقال: «تشرّفت بهذا الترشيح، وحاولت أن أمثّل المسرح الجزائري بأحسن شكل»، كما أشار إلى تكريم سيد أحمد أقومي وفوز الشباب الجزائريين في ثلاث جوائز كبيرة.
وعن غياب الجزائر عن التظاهرة، قال فطموش إنه كان من المفروض أن تتشكّل لجنة على مستوى الجزائر لانتقاء العروض، «ولظروف أجهلها لم تقم اللجنة بعملها، وكان هنالك فراغ كبير، وللأسف غابت الجزائر»..وأضاف فطموش أنه لا يخجل بمستوى المسرح الجزائري، وهناك أعمال مسرحية وطنية كان من الممكن أن تشارك في المسار الموازي على الأقل. كما دعا فطموش إلى إشراك العنصر الخارجي في لجان التحكيم، من كتّاب ومتخصّصين من بلدان أخرى ليكون هنالك نوع من التوازن.
واعتبر فطموش أنّ المسرح الأمازيغي حاليا في ورشة، ويعيش نفس ما عاشه المسرح الهاوي في مرحلة ما، ولكن الأعمال بدأت تقدّم باحترافية على المستوى الفني، وفي مسرح تيزي وزو مثلا هناك عمل كبير جدا على مستوى الممثلين «وهو ما لاحظناه في مهرجان المسرح المحترف مؤخرا». وأضاف: «المسرح لغة بصفة عامة، والديكور والأكسسوار، وأي شيء يكون على الخشبة هو يتكلم»، يقول فطموش مضيفا أن مسرح ما بعد الحداثة لا يعتبر اللغة عنصرا أساسيا مائة بالمائة في المسرحية بل تعتبر عاملا من العوامل المكونة للعرض المسرحي.
وتحدّث فطموش عن وجود قرابة 120 فرقة مسرحية على مستوى منطقة القبائل الكبرى، وأعطى مثالا بمهرجان مسرح الهواء الطلق بآث يني، أين كان هناك مئات العائلات التي تدخل ساحة المدرسة، بغياب خشبة مسرح، وقال: «المسرح الأمازيغي رغما عنه خرج إلى الشارع، بالنظر إلى نقص الوسائل والمنشآت، وهكذا فقد خرج من العلبة السوداء».
واعتبر فطموش بأنّ وجود البنايات المسرحية الكبرى لا يعني أن المسرح الجزائري بصحة جيدة: «الإشكال اليوم هو في الفضاءات وليس في البنايات، وكان المرحوم عبد القادر فراح يقول لو كنت أملك القرار لحوّلت كل المسارح إلى متاحف». ودعا فطموش إلى تفعيل مسرح الشارع لأن «العلبة السوداء شوّهت جماليات المسرح الجزائري العتيق الذي انطلق من التاسيلي ناجر»، في إشارة إلى النقوشات تظهر وجود نشاطات شبه مسرحية وما يشبه العروض: «مسرحنا له تراث قوي من التاسيلي إلى القوال والحكواتي، ولسنا مجبرين على استيراد الأشكال المسرحية من الغرب».
وأضاف بأن مسرح الشارع يمكن أن يحقق فرجة، لأنه فن بأتم الكلمة وينطلق من التكوين على تقنية السيرك والجسد والتقنية الرياضية والإلقاء والأداء وطريقة التعامل مع الناس والفضاء، وهو ليس مجرد إخراج المسرح إلى الشارع: «هناك فكرة لمشروع تحت الإنجاز مع مسرح وطني أو أكثر وتعاونيات، مشروع دولي لتكوين الفرق والممثلين في مسرح الشارع، من بينهم فنان من الشيلي من أوائل من يعمل على مستوى رفيع في هذا الصدد، نحن الآن في أخذ وعطاء بين المؤطرين والمنظمين في الجزائر وقد يتجسد الصيف القادم.
وعن سؤال «الشعب» بخصوص قراءة فطموش لمسرح عبد القادر علولة، وهو الذي اشتغل عليه كثيرا، أجاب بأن نظرته تختلف عن نظرة الباحثين التقليدية: «علولة بذاته فضاء لبحث حقيقي وتشريح والغوص في مسرح جزائري حقيقي»، واستشهد فطموش بمقولة علولة: «في مسرحي، الكلام مسرح والمسرح كلام»، واعتبر أن من يغوص في هذه العبارة يفهم كيف جعل علولة من الكلمة مسموعة، ومن المتفرّج مبدعا مشاركا في العرض.
وفي سياق آخر، قال فطموش إن الشرط لخروج المسرح من الحلقة المفرغة هو إدخاله للمدرسة لا كنشاط ثقافي بل كمادة دراسية حقيقية. كما أكّد أنّ النص لم يبق بالمعنى الأرسطي القديم، والدراماتورج هو الذي يتعامل مع أي نص كان ويصنع منه مادة تقدم على المسرح، «لذا أقول إن الغائب عندنا هو الدراماتورج»، يقول فطموش، داعيا إلى الاهتمام بتكوين الدراماتورجيين.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024