يشكل النشر الأكاديمي أهم مخرجات البحث العلمي والمنتوج الفكري، فهناك علاقة وثيقة بين الجانبين، فلا يمكن أن ننتظر حركية مزدهرة للنشر والطبع والتأليف في ظل نقص كبير فيما يخص المنتوج العلمي الأكاديمي، وهذا الأمر يتطلب في مجمله وقتا كافيا، حتى تصبح تقاليد راسخة، لها بعدها العلمي والاقتصادي والمالي، إلى أن يصل إلى مصاف صناعة مستقلة بذاتها تستهوي الطاقات الاستثمارية، خاصة مع تطور مختلف أشكال النشر الالكتروني ودخول الحاسوب في معالجة الصورة والتحكم في الأشكال والألوان.
لمعرفة حدود النشر في الجزائر كان لنا هذا الحوار مع الباحثة الدكتورة عقبة سعيدة عن جامعة باجي مختار عنابة.
❊ الشعب: الأستاذة والباحثة عقبة سعيدة ماهي تجربتك مع النشر الأكاديمي؟
❊❊ سعيدة عقبة: أولا أشكركم على هاته الالتفاتة لموضوع النشر الذي يعد من المواضيع الهامة، فهو عبارة عن توصيل لكل منتوج فكرى وعلمي بهدف المعرفة وتنوير القارئ، وبالتالي الرقي بالمعارف المختلفة ونشرها بصفة عامة، فالنشر مهم إلى حد كبير وكذلك فهو ليس بالامر السهل في الجزائر بدءا بتكاليف الكتاب وطبعه وإخراجه إلى غاية توزيعه خاصة في ظل نقص دور النشر التى تستقبل الكتاب كالمكتبات وغيرها...بالإضافة إلى ضعف المقروئية، وتوجّه القراء إلى المكتبات من جهة ونقص القراءة أو ثقافة الاطلاع بصفة عامة، إلى جانب البيروقراطية في تسيير دور النشر والمحاباة، فأغلبية دور النشر تتعامل مع مؤلفين معروفين سبق التعامل معهم وكذلك اختيار الكتب التي أصبحت ذات طابع تجاري محض.
❊ كيف تقيّمين حركة النّشر في الجزائر؟
❊❊ بالنسبة لحركة النشر في الجزائر أجدها في تحسن بغض النظر عن نوعية الكتاب ومحتواه. بالعكس أصبح الكتاب الجزائري اليوم حاضر وبقوة وفي جميع الميادين والتخصصات تاريخية، دينية،علمية، أدبية وفنية، ولما تزخر به الجزائر من تنوع ثقافي يميز كل منطقة منها أهل تواجده في مختلف بقاع العالم لاسيما مع كثرة المعارض الوطنية والدولية كمعرض القاهرة الدولي...الخ، رغم أن هذا التقدم الذي ربما لاحظناه في السنوات الأخيرة يعد وطنيا قفزة نوعية، لكن إذا تم مقارنته مع نظيراتها في الدول العربية خاصة نجده مازال لم يصل إلى المستويات المطلوبة.
❊ ما هي المحفّزات والعوائق التي تعترض الباحثين الذين يودّون نشر منتوجهم الفكري؟
❊❊ بالنسبة للمحفّزات التى يجدها الباحث فطبعا أهمها التعريف بعمله وثمرة مجهوده وتوصيل أفكاره..لكن هذا كله لا يمنع من وجود عوائق أهمها نقص المقروئية، إلى جانب أنه أصبح حال قطاع النشر في الجزائر كغيره من القطاعات تجاريا لاسيما في ظل التطور التكنولوجي لوسائل الإعلام والاتصال التي ساهمت في التقليل من المقروئية، وكمحفز تقريبا أصبحت مختلف دور النشر تتعامل بموجبه هو شراء حقوق الملكية الفكرية من الباحثين، وتسويق المنتوج المطبوع وفق عقد يربط دار النشر بالكاتب او المؤلف، على أن تتحمل دار النشر مختلف الأعباء بعقد ينص على منح الكاتب أو المؤلف عدد معين من النسخ والباقي لدار النشر الحق في التصرف في عملية تسويقه، وهذا محفز كبير خاصة للمبتدئين من الكتاب والمؤلفين.
❊ لماذا يتّجه النّاشرون إلى الخارج لنشر أعمالهم؟
❊❊ هنا لا أشاطركم الرأي ليس بالضرورة يتجه الناشرون للخارج إلا ربما الفئة التي لقيت صعوبات تعترضها في الجزائر في ظل البيروقراطية، وربما استغراق وقت أطول لإخراج كتاب عدا هذا لا أرى أنه من الضروري يلجأ الباحث أو الناشر إلى دور نشر بالخارج بالعكس الأشكال انه دور النشر ليست معروفة فعلى سبيل الذكر فقط دار النشر، أو هناك أيضا من الكتب التي ربما يكون لها أبعاد تمس بالأمن القومي، وبالتالي نجد هؤلاء الكتاب يتجهون إلى دور نشر خارجية للتهرب من الرقابة القانونية داخليا.
هناك دار النشر «ألفا» للوثائق ومقرها في قسنطينة وهي من بين دور النشر التي تقدم تسهيلات للباحث وللنشر بصفة عامة، وهذا شيء إيجابي ومحفز إلى حد كبير، وهذا حسب تجربتي الشخصية ولكن عموما يبقى نقص المقروئية حاجز أمام رقي وانتعاش الكتاب أكثر للأسف.
❊ ما هي الحلول من وجهة نظرك لهاته الإشكالية في الجزائر؟
❊❊ فعلا النّشر مهم إلى حد بعيد، ولابد من الاهتمام به أكثر من خلال التعريف بالكتاب وبدور النشر الجزائرية عبر مثلا مواقع التواصل الاجتماعي والتقرب من الباحث أكثر كالقيام بأيام تحسيسية ومعارض على مستوى الجامعات وعبر الوطن حتى نتمكّن أكثر من معرفتهم وتحسيس الطالب والباحث بضرورة البحث والتقصي العلمي الذي يساهم في تحسين المقروئية، وبالتالي لم لا تنمية ثقافية وفكرية ترتقي إلى مستويات تنتعش بموجبها حركة الطباعة والنشر والتأليف.
