الكاتبة نادية بوخلاط لـ«الشعب»:

طموحي الأكبر ترسيخ وجودي بقائمة الأدباء والكتاب العرب

حاورتها من وهران: براهمية مسعودة

 النشر بالجزائر كان ولا يزال معضلة   تؤرق الكتاب

 نادية بوخلاط من مواليد الثامن أفريل 1969 بوهران، أحد الأقلام الوطنية المثمرة، عملت منذ سنة 2004 في العديد من الصحف باللغتين العربية والفرنسية، وظلت تمارس هوايتها في تأليف القصص والروايات والأشعار، بعد أن تحالفت ضدها الظروف الاجتماعية والمادية والصحية، رافعة بذلك سقف التحدي بنشر أعمالها الإبداعية وإخراجها إلى النور عبر ممرات ضيقة مغمورة بالعراقيل والانكسارات.
عن مسيرتها والصعاب التي واجهتها والتي تخطتها بإرادة من فولاذ، تحدثنا نادية بوخلاط، من خلال هذا الحوار .
«الشعب»: حدّثينا عن بداياتك في عالم الكتابة ؟
 الكاتبة نادية بوخلاط: يقولون دوما الغبن يفجّر الموهبة، وغبني الوحيد، أنّ أبي رحل ورحل معه زمن جميل لن يعود، وأنا التي لا أخوات  شقيقات لي أشكو إليهم حزني وأسراري، فجعلت الورق مكمن سري ومتنفس وحدتي الحائرة... وأول قصة كتبتها، كانت في سن 12 عاما، حين طلبت مني أستاذة مادة اللغة العربية تلخيص قصة، وبما أنني لم أكن قادرة على شرائها أو استعارتها، استنطقت مكنون أفكاري ومخيلتي الواسعة واهتديت إلى حيلة الكتابة، حتى أنني تحصلت حينها على أعلى درجة، فتفاجأت أستاذتي كثيرا، وقالت لي بالحرف الواحد» لديك خيال واسع، واصلي على هذا المنوال،  فسيكون لك شأن عظيم»، وهاهي نبوءتها قد صدقت، لأنها آمنت بموهبتي وعملت أنا بنصيحتها.
من الكتابة الصحفية إلى الروائية ... طريق طويل وشاق، ما هي أهم انجازاتك وهل واجهت صعوبات في تحقيقها؟
في بداياتي كانت الجرائد تحتل ارهاصاتي الفكرية، ثم انتقلت لمراسلة بعض المجلات العربية، على غرار مجلة «الجيل»،  والانطلاقة التي ساعدتني في تطوير موهبتي هي جريدة «الجمهورية الأسبوعية « والطاقم المشرف عليها وتوجيهاتهم القيمة، و تطورت خاصة بعد احتكاكي وتأثري بأساليب كبار  المبدعين والكتاب  في الملتقيات والأمسيات وغيرها من التظاهرات والأنشطة الأخرى، لأصل  مرحلة المشاركة في أول مسابقة خارج حدود الوطن في 2015 بمهرجان همسة للفنون والآداب بمصر، حيث توّجت روايتي «امرأة من دخان» بالمركز الأول، وهي ذات الرواية التي نشرتها بالأردن في نفس السنة عن دار المعتز للنشر والتوزيع.
فلطالما حلمت كأي كاتب أو مبدع لنشر أعمالي، فقد كانت لدي مجموعة قصصية ومجموعة شعرية وراسلت العديد من دور النشر في الجزائر، قبل فوز روايتي بسنوات، من بينها المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار،  لكن وجدت التكاليف باهظة تفوق إمكانياتي، فوّدعت حلم النشر، في حين أن الأجر الذي كنت أتقاضاه من عملي كصحفية بجريدة محلية، لم يكن بالمفهوم المتعارف عليه.
^^   هل تعتقدين أنّ النشر في الجزائر ليس متاحا للجميع ؟
أكرّر أنّ النشر بالجزائر كان ولا يزال تلك المعضلة التي آرقت الكثير من الكتاب في بلادنا، خصوصا من هم في بداية الطريق، فكثير منهم بقيت أعمالهم لسنوات رهينة التكاليف المادية الباهظة التي تشترطها دور النشر،  ففي بلادنا النشر ليس متاحا للجميع، وإنما من يدفع أكثر يخدم أكثر، وبذلك تحول النشر إلى عملية تجارية دون أدنى اعتبار لمعايير الكفاءة والجودة والنوعية، لذا اضطر البعض من الكتاب لطرق أبواب دور النشر الأجنبية التي تعطي وتمنح تسهيلات، مقابل تنازل الكاتب على حقوقه ومستحقاته، مضحيا بذلك فقط في سبيل أن ترى أعماله النور،  وهذا ما أضّر بالفكر والأدب والإبداع في الجزائر.
ماذا عن تجربتك الشخصية في هذا الصدد ؟
  فبعد فوز رواتي «امرأة من دخان» في مسابقة همسة بمصر، اقترحت علي صديقتي الكاتبة دالي يوسف مريم بأن أراسل دار المعتز  للنشر والتوزيع بالأردن، وهذا ما فعلته وكان ردهم بالموافقة أسرع مما كان متوقعا، حيث أرسلت مخطوط الرواية ومباشرة أمضيت العقد،  وبعد ثلاثة أشهر تقريبا صدرت روايتي ورأت النور، وكانت هذه أول خطوة تلتها مجموعة قصصية بعنوان: «عازفة الماندولين» وبعدها رواية ثانية بعنوان: « اليد اليمنى للكولونيل» وفتحت بذلك شهيتي للكتابة والنشر، رغم أنه مقابل نشر إبداعاتي كان عليا القبول بمسألة التنازل على مستحقاتي، ولم يكن ذلك مهما في سبيل نشر أعمالي وصناعة اسم أدبي، واعتبرت أن ذلك أفضل من لا شيء لأن حلمي منذ البداية الترويج لكتاباتي وإيصال إبداعاتي للناس .
وكرّرت مؤخرا المحاولة بنشر ثالث عمل روائي لي خارج الوطن، ورست سفينتي بقاهرة المعز مصر، حيث صدرت لي مؤخرا رواية «طوق البنفسج « عن دار كليوباترا للنشر والتوزيع،  ولا يفوتني أن اشكر في هذا الصدد الأستاذة ضحى جبر ممثلة الدار والأستاذ عادل عبيد وكل من علمني حرفا وساعدني للوصول إلى ما أنا عليه الآن،  كما أنوّه إلى مجهودات جريدة «الشعب» على ما تبذله من جهود محسوسة لإعلاء قيمة الأدب والفن والإبداع الإنساني، وأخصّ بالذكر طاقمها النسوي ونحن نستعد للاحتفال باليوم الدولي للمرأة.
 كلمة أخيرة؟
أتمنى أن يكون القادم أفضل، فأنا ما زلت تحت أثر الصدمة  بعد وفاة والدي  والاستيلاء على منزلنا العائلي، الذي كان يحتضنني ووالدتي لأجد نفسي وحيدة أواجه مشاكل متفاقمة وضغوطات  نفسية واجتماعية قد تعرقل نوعا ما مسيرتي، لكنها ستزيدني قوة وثقة بالنفس، وهذا ما أردت أن أعكسه في روايتي «امرأة من دخان»، والتي تعيش من خلالها البطلة الصراع الذي تواجه فيه ذاتها والمجتمع والماضي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024