يناير بغرداية..عادات ضاربة في عمق التاريخ

غرداية: إيمان كافي

اعتبرت السيدة سامية  بن أبي بكر الإعلامية والمهتمة بالشأن الثقافي المحلي في حديث خصت به «الشعب»، أنّ الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية «يناير» أو «ينار» كما يطلق عليه محليا بولاية غرداية تكون ليلة 6 إلى 7 يناير، ويحظى هذا اليوم بمكانة خاصة في أوساط العائلات بكل قصور منطقة ميزاب، حيث تحضر له قبل دخول وقته بشراء القمح الجيد حتى يتم رحيه في رحى البيت، وتكتفي بعض الأسرة بشراء السميد الرقيق لتصنع منه الرفيس الذي يعد أحد الأطباق التقليدية الرمزية للطابع الاحتفالي الخاص باستقبال السنة الجديدة.
أجواء احتفالية خاصة تطبع «ينار» في هذه المنطقة -تقول السيدة سامية - إذ يُحرص على أن يكون لباس الأطفال لباسا تقليديا أبيض اللون والبنات يخضبن بالحنة والعروس أيضا تلبس زيا تقليديا يسمى «بازوقاغ» لاستقبال الأهل والجيران، الذين يأتون لزيارتها وتتزين البيوت بأبهى حلة وحتى المطابخ بألوان جديدة، كما تستعد كافة الأسر على اختلاف ظروفها المادية من أجل استقبال هذا العيد.
وتجد الكثير من النساء فرصتهن لإحياء وتثمين رصيد الأكلات التقليدية العريقة، وتجتمع الأسرة كاملة عند البيت الكبير، أين يوجد من يقوم بعجن الرفيس ومن يقوم بطبخه في مقلاة ومن يقوم برحيه في آلة خاصة للرفيس، كما أن هناك من يقوم بتحضير «اسفسي» الذي يعد تحضيرة مشكلة من التمر والزبدة الأصلية مع قليل من حبات القمح توضع وسط الرفيس مع البيض والعسل، وتهتم الأمهات باختيار السمن الطبيعي أو «الدهان» لأكلة الرفيس مع مراعاة أن يكون من النوعية الجيدة، كما يحضر أيضا «لمخلط» أو ما يسمى «خلّيضا» بتشكيلة من المكسرات بكل أنواعها والفواكه الجافة  والحلوى.
بعد صلاة العشاء تقوم الأسر بتوزيع الأطباق على الجيران والمحتاجين مع بعض الصدقات المالية، ثم يجتمع أفرادها حول أكلة «ينار» مع حمدهم لله على هذه النعمة بعدها يوزّع «خلّيضا» على الجميع مع طاولة الشاي فيها «الكمارية»، وهي نوع من الأجبان الطبيعية المصنعة محليا بالإضافة إلى الحلوى والسكريات، وتتواصل هذه الجلسات إلى آخر الليل بعدها يتوجّهون لأداء الصلوات وتلاوة القرآن وبعض الأدعية التي يتضرّع الجميع فيها إلى المولى عز وجل أن يجعل السنة الجديدة سنة وافرة بالمحاصيل والمياه لتختتم بعدها هذه الأجواء الاحتفالية بعادة «اللاون» أو «الحظ» بين النسوة، وهي تشبه «البوقالات» في تلك الليلة ثم يتوجه الجميع إلى النوم على أن يتجدّد لقاءهم في الغد 7 يناير للزيارة، وتبادل التهاني بمناسبة «ينار» بين كل أفراد العائلة، حامدين الله على نعمة الصحة والعافية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024