تشاء الأقدار، أن ترحل عن عالمنا فجأة ودون سابق إنذار الفنانة القديرة و الحكواتية « حليمة تواتي»، وهي في أوج عطائها الفني، حيث لم تتخط عتبة الخمسين إلا بقليل، لقد كانت المرحومة « حليمة تواتي» وكما عرفتها «المرأة الأوراسية الفحلة « التي ترعرعت في مدينة قسنطينة العتيقة بحي «باردو»، هذه المدينة التي أحبتها و تقمصت شخصية حرائرها حيث توشحت ب» ملايتها « السوداء في الكثير من أدوارها.
كان أخر لقاء لي ب «حليمة» أثناء تكريم المخرج الجزائري» « انور حاج اسماعيل بمسرح قسنطينة الجهوي « محمد الطاهر الفرقاني»، حيث جلست بجانبي رفقة الكاتب المسرحي» أحسن سراج « فتجاذبنا أطراف الحديث حول مسرحية هذا الأخير « أنزار وبوغنجة» و مدى رد فعل الجمهور حول هذه المسرحية عبر شبكة التواصل الاجتماعي، كانت « حليمة» وكعادتها تتحدث بحشمة المرأة الجزائرية المتأصلة وبصوت فيه وشوشة لا تتعدى أذن المستمع وتفارقنا وكانت الأخيرة.
الراحلة « حليمة تواتي» عرفتها قبل سنوات في أحد معارض الفنون التشكيلية التي نظمها قصر الثقافة « محمد العيد آل خليفة «، في ذلك المعرض حدثتني « حليمة « عن عالم الفن الذي ولجته منذ قرابة الثلاثة عقود من الزمن وعن عالم الصحافة الذي أحبته لكن لظروف قاهرة غادرته عن غير رجعة خلال العشرية السوداء، ثم سردت قصتها بعفوية غير معهودة وأنا أستمع إليها بفضول .. وفي الأخير قالت لي « حليمة» مع كل هذا فانا أيضا « حكواتية « ولي في الشعر نصيب فأنا أيضا شاعرة.. تفارقنا وقتها وتواعدنا ان نلتقي لنحدث من خنلال حوار صحفي عن مهنة «الحكواتي»، غير أن لقاءاتي بها بعد ذلك كانت قصيرة وأخرى مستعجلة لم أتككن فيها من الوفاء بالوعد.
اليوم ترحل عنا «حليمة» في عجالة وصمت ويبقى صوتها الذي يتسم بوشوشة خفيفة لم يغادر سمعي، ويبقى الوعد الذي بيننا لم يتحقق مثلما لم يتحقق حلمها في الخروج بمسرحية « ليلى مع مجنون» لجمهور المسرح.