الكاتب الشاب حكيم شيخ يحدّثنا عن أولى رواياته                    

«ابتسامات الموتى» رمز للتحدي ورفض الانكسار

حاوره: أسامة إفراح

حكيم شيخ من مواليد 30 جوان 1983 بالأخضرية، متحصل على عدة شهادات منها تقني سامي في تسيير الموارد البشرية، ليسانس في العلوم القانونية والإدارية، شهادة الكفاءة المهنية للمحاماة، ومخطط استراتيجي من الأكاديمية الأمريكية للتدريب والتطوير القيادي بدبي. ولكن حكيم شيخ اختار لنفسه طريقا جديدة بعيدا عن كل هذه التخصصات، حينما نشر أول رواية له صدرت عن دار «الجزائر تقرأ» خلال صالون الجزائر الدولي للكتاب.
 - «الشعب»: «ابتسامات الموتى» عنوان باكورة أعمالك الأدبية.. هل هوعنوان يوحي ببقاء بصيص من أمل؟ أم أنك على عكس ذلك ترى أن الابتسامة لا ترتسم إلا على شفاه الموتى; حينما يفوت الأوان؟
حكيم شيخ: مثل المصطلحات تلبس الابتسامات في روايتي معانيها المتعلقة بالموقف، فتصبح عنوانا للتحدي والشموخ ورفض الانكسار، فرغم الموت تبقى الابتسامة الشاهد الوحيد والأخير على انتصار الضحية على الجلاد، وبهذا ترسم ابتسامات الموتى أولى خيوط الأمل لمستقبل أفضل كان يحلم به الصغير قبل الكبير سنوات التسعينيات، وهذا نابع من صميم الشخصية الجزائرية المفطومة على التحدي ورفض الهزيمة حتى آخر رمق.
 - روايتك أشبه بالرمال المتحركة.. أولنقل المتاهة.. كلما تسعى الشخوص لحل مشكلة تجد نفسها في مشكلة أخرى.. هل هي كتابة سوداوية تشاؤمية أم أنها الواقعية في نظرك؟
 أحيانا تجعل منا الأحداث الاجتماعية العامة مجرد دمى ماريونيت في أيادي المجهول، فتعبث بمصائرنا وترسم لنا دروبا غير التي رسمناها لأنفسنا، هذا في حال منحتنا الفرصة لرسمها، لذلك كانت أحداث الرواية مستمدة من واقع معيش خلال فترة زمنية معينة من عمر الجزائر، إلى درجة أنني شممت رائحة تحميص الخروب وأنا أكتبها، وارتشفت قهوة مفلفلة على شرف البطل الصغير أيمن الذي كان يعشقها.
 - كم بطلا في روايتك؟ هل تدور القصة حول بطل واحد أم أكثر؟ وهل هي أحداث منفصلة أم أنها تتقاطع في مكان ما أوزمان ما؟
  تتقاسم البطولة شخصيتان رئيسيتان، «أيمن» صاحب العشر سنوات، الذي يمثل فئة الأطفال الذين عاشوا طفولتهم أيام العشرية السوداء بكل ما حصدته ذاكرتهم الطرية في أعماقها من صور دموية نازفة، وروائح جثث عفنة، وغيرها من تعاويذ الخوف في زمن فقد فيه الأمن، أما الشخصية الثانية فهي «عليلو الطيارة» الذي يمثل الشاب القروي البسيط المدجج بالعقد النفسية التي فرضت عليه من مجتمعه الصغير.
قد تبدو أحداث الرواية منفصلة، إلا أنها تشكل مجتمعة المشهد الحصري الجزائري في فترة التسعينيات، بما يحتويه من علاقات الحب والكراهية والتطرف والاعتدال، ببساطة تستطيع أن ترى الجزائر العميقة بتفاصيلها الصغيرة في الفترة الممتدة من أواخر الثمانينيات إلى أواخر التسعينيات.
 -  جمعت بين مختلف الضغوطات.. غياب الأمن أيام العشرية السوداء من جهة وضغط المجتمع والتقاليد من جهة أخرى.. وفي كل مرة نجدك تقدم الغربة كنوع من الحلول أوكملاذ أخير..
  عندما تكون الغربة ملاذا وحيدا وحلا فريدا، فإن الطبيعة البشرية بنزعة الحياة التي تسكنها تجد نفسها منساقة لذلك الحل الذي لا مناص منه، رغم أن فترة التسعينيات لم تشهد هجرة معتبرة من أرض الوطن إلى خارجه، إلا أن ذلك لا ينفي فكرة الاغتراب الذي تحقق داخل الوطن، من خلال النزوح الريفي الحاد الذي عاشته الجزائر أثناء تلك الفترة، حيث باتت العائلات الجزائرية تترك أراضيها وممتلكاتها هربا من الموت إلى أماكن أكثر أمنا داخل المدن الكبيرة، أين أصبح الجزائري حينها يعاني من الاغتراب داخل وطنه لما واجهه من ظروف اجتماعية واقتصادية وأمنية.
-  لماذا اخترت الرواية كجنس أدبي لأول منشوراتك؟ هل كان هذا مخططا له أوأنه مسايرة للمرحلة التي يقال فيها إنها لحظة الرواية لا غيرها؟
 في الحقيقة لدي كتاب آخر في التنمية البشرية تحت عنوان: «ماذا لولم يكن لديك أصدقاء؟» على الرغم من أهميته ككتاب يحمل في طياته عصير 05 سنوات من التجارب الإنسانية، ويعالج مشاكل اجتماعية وأسرية عميقة جدا، ويقدم حلولا موضوعية جادة، إلا أن انهماكي وتفرغي للرواية أجّل من صدوره فسبقته الرواية إلى النور، وقد أعتبر ذلك هروبا من تصنيف لأقع في آخر، ذلك أنني أميل إلى الجانب الأدبي أكثر من الجانب العلمي رغم إيماني بالتكامل فيما بينهما، فقد يتم تصنيف كاتب من إصداره الأول، لذلك فرضت الرواية نفسها كلحظة تَجَلٍ روحي.
 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024