سفرية لعين غرور لاستلهام رمزية المكان عند الاديب العالمي
وقف المشاركون في الملتقى الدولي حول” جغرافيا كاتب ياسين” بقالمة من داخل وخارج الوطن على شهادات، في زيارة سياحية ثقافية،من تنظيم جمعية ترقية السياحة والتنشيط الثقافي بالولاية، الراعية للملتقى، لمنطقة عين غرور بحمام النبائل، لاستلهام رمزية المكان عند الكاتب، و لفهم كتابات المؤلف خاصة من حيث كون “ كاتب ياسين “ لم يكن يقدم في أعماله الادبية والمسرحية “تاريخا بشخصيات خيالية بعيدة افتراضية، وإنما هو تاريخ حقيقي بأشخاص حقيقيين، مستمد كل ذلك من محيط وبيئة قبيلته بن كبلوت، كما ذكر الاساتذة الذين قصدوا ديار الكاتب ووقفوا ترحما على روحه الطاهرة اما النصب التذكاري الذي اقيم تخليدا لهذا الأديب العالمي، كما كانت لهم زيارة للزاوية التي نهل منها ما تيسر من القرآن الكريم على ايدي مشيختها.
وشكلت تلك الظروف المحيطة بالعائلة الكبيرة ذات الامتداد الامازيغي العربي الإسلامي التي عاشت بين القهر والمقاومة منذ دخول المستعمر ،الفضاء و المناخ الملائمين لبروز “ كاتب ياسين “ الذي سجن هو أيضا في سطيف في أحداث 8 ماي 1945 ولم يكن حينها عمره يتجاوز 16 سنة ولم يصل حتى إلى مستوى “الرابعة متوسط” لكنه أصبح مؤلفا عالميا.
منطقة عين غرور حوالي 50 كلم إلى جنوب عاصمة الولاية، وهو غور سحيق يمتد بين جبلين من الغرب نجد صفية البقرات والكثير من الفضاءات السياحية، حيث عرش بني كبلوت ، كأطلال الزاوية الكبلوتية ومزار الشيخ السايح، الفرن، والمغارات الأربعة، وبطومة الشيخ ، المرسة بديل الزاوية.
فحمام النبائل اين تتواجد عين غرور، مدينة جبلية تتواجد ضمن تنوع تضاريسي معقد ،يتكون من جبال خضراء ،وكتل صخرية بركانية ،به جبل سردون إخضراره الرائع ، وتشكيلات لنباتات خضراء كالزيتون والضرو ، و جبل سردون يقصده شباب المنطقة للنزهة والسياحة ، فضلا عن وجود كهوف قديمة ومياه معدنية ،كانت تخرج من هناك ، صالحة للاستشفاء والعلاج لكثير من الأمراض الجلدية ،به حمام بن طاهر يشكل نقطة الالتفاف السكاني طلبا للراحة والاستجمام .هذا الحمام الذي ينبع من ركام صخري بركاني بمياه ساخنة باعتدال 45 درجة ، أكدت التحاليل الطبية صلاحيته لكثير من الأمراض .
قبيلة بني كبلوت، وهي القبيلة التي ينتمي إليها كاتب ياسين ، وحسب بحث تاريخي للكاتب قاضي محي الدين مفتش اللغة العربية بقالمة، جمع فيه بين الوثائق الرسمية وشهادات الذين عايشوا مختلف الأحداث التي عرفتها المنطقة وكذا الحكايات المحفوظة في الذاكرة الجماعية المتوارثة بين الأجيال ، فان هذه الاخيرة وفدت من الأندلس سنة 1492 ميلادية واستقرت بقالمة كانت معقلا حقيقا لمقاومة الاستعمار الفرنسي.
منطقة عين غرور كانت خلال فترة الاستعمار الفرنسي، بها عدة مرافق تعليمية واجتماعية سمحت بخلق وعي قومي لدى سكانها و رفع مستواهم التعليمي من أهمها “المحكمة” و زاوية لتحفيظ القرآن، وقد سايرت التواجد العثماني بكل مراحله وكانت علاقاتها وطيدة مع باي الشرق، ووقفت قبيلة بني كبلوت في وجه الاستعمار باتخاذها زاوية بني كبلوت منبرا لتوعية الجماهير بغية التصدي والمواجهة وهو ما جعل الفرنسيين سنة 1852 يدمرون هذه الزاوية تدميرا كليا ويلحقون بالأهالي أضرارا بليغة مادية وبشرية ومعنوية ويصدرون أوامر مانعة لإعادة بنائها ولتدريس القرآن الكريم.