قل ما تردّد اسمه في الوسط الثقافي أو حتى الإعلامي، ظل بعيدا عن الأضواء، في مدينته البعيدة عن ضجيج المدن الكبرى، الشيء الذي جعله مغيّبا عن المحافل الثقافية في ولايته قبل وطنه، زاد من غيابه ظروفه الصحية التي يعاني منها، والتي جعلته حبيس منزله بعاصمة التديكلت، وهذا رغم رصيده الثقافي والنضالي في تاريخ الثقافة الجزائرية بصفة عامة، كيف لا وهو أحد الروائيين الأوائل في تاريخ الجزائر بالعربية والفرنسية، وأحد مناضلي جبهة التحرير الوطني وأحد مجاهدي جيش التحرير الوطني.
المجاهد والروائي محمد صلاح الدين، إبن مدينة عين صالح (عاصمة التديكلت) في العقد الثامن من عمره، أين ترعرع وتلقى تعليمه الأول بها، هو صاحب رواية «الممرضة الثائرة» المطبوعة بالمملكة المغربية سنة 1961، مما جعل العديد من المثقفين يصنفونه بأب الرواية الجزائرية، درس الصحافة بالقاهرة «الأزهر» حيث تحصّل على دبلوم لممارسة الصحافة العربية 25 / 07 / 1961، كان عضوا بارزا في العديد من الجمعيات الفكرية والدينية العالمية على غرار المعهد الإسلامي مسجد باريس، جمعية الأخوة الجزائرية السعودية، رئيس الجمعية الثقافية الروسية الجزائرية، كما تمّ تكريمه من طرف الرئيس السابق اليامين زروال بوسام استحقاق الأدب، كما اعتبر أول من أسّس حزبا سياسيا بالجنوب، وحصل على اعتماد لتأسيس جريدة «صحراء اليوم» التي لم تر النور بسبب وضعه الصحي.
وفي اتصال هاتفي لـ «الشعب» بإبنته نرجس صلاح الدين، أكدت هذه الأخيرة «أن والدها الذي يعتبر من المثقفين والأدباء الأوائل في تاريخ الجزائر، يعاني ومنذ سنوات من تهميش قاتل، زاد من معاناته حالته الصحية المتدهورة».
وتقول نرجس أن «الوالد أصيب بمرض الزهايمر قبل أن تزداد حالته سوءاً قبل سنتين أين أصيب بمرض عضال آخر أقعده الفراش».
وتضيف المتحدثة قائلة أنّ «محمد صلاح الدين، صاحب الممرضة الثائرة، هذه الرواية التي كتبها ورفعها إلى روح المرحومة والدته كتحية إكبار واعتراف بالجميل، والتي طبعت بالمغرب سنة 1961، وتدور أحداثها بمنطقة المنيعة، وتحكي قصة ابنة جنرال فرنسي، رفضت الظلم الممارس من طرف الاستعمار الفرنسي ضد الجزائريين وانضمّت للثوار لتقاوم الظلم معهم، أصبح مغيّبا حتى في المشهد الثقافي المحلي، دون أن يلقى إلتفاتة من طرف المسؤولين والقائمين على قطاع الثقافة بالولاية وحتى الوزارة الوصية»، مضيفة ان التكريم الوحيد جاء من ولاية أدرار سنة 2014.
في نفس السياق، أضافت نرجس أن والدها ترك بعض الروايات باللغتين العربية والفرنسية، والتي لم يتم طبعها إلى حد الآن، على غرار «مهمة إلى القبائل» باللغة الفرنسية والتي كتبها بتاريخ 17 /07 / 1957، وكذا رواية «بورجو» MISSION EN KABYLIE
التي كتبها كتحية وفاء لروح أخيه المرحوم عبد الرحمان 10 /02 / 1954، وكذا رواية «الثورة الجزائرية» والتي كتبها كتحية لكل من ضحّوا بأعز ما لديهم في سبيل تحرير الوطن سنة 10 /01 / 1971.
هذا وناشدت نرجس صلاح الدين الجهات الوصية بإلتفاتة للروائي والمجاهد محمد صلاح الدين، والاهتمام به وبالأعمال التي بقيت حبيسة رفوف المنزل دون أن تنشر على غرار «الممرضة الثائرة» التي هي الأخرى تحتاج إلى طبعة ثانية بعد الطبعة الأولى، متمنية أن لا ينطبق المثل القائل على أبيها «كي عاش احتاج تمرة، وكي مات علقولو عرجون».