رواية ذاكرة معتقلة هي الرواية الأولى لكاتبها بلال لونيس والتي ستكون حاضرة في مهرجان سيلا 2018، تدخل ضمن مجموعة كبيرة من الأعمال الأدبية التي تعد أعمالا روائية أولى تصدر لأصحابها وتشارك في هذا المهرجان الدولي، «ذاكرة معتقلة» تحكي من عنوانها عن سجن الذاكرة المحملة بالهموم ومعاناة أصحابها في ذلك، تتعرض للكثير من القضايا في قالب روائي يعتمد الكاتب في عرضه لأحداثها على تقنية الاسترجاع أو الفلاش باك.
تتضمّن رواية «ذاكرة معتقلة» بين دفتيها «الهوية والغربة»، «الحب والسرد»، كما تدور أحداثها حول مأساة الشخصية الرئيسية «عبد القدوس» الذي عاد إلى أرض الوطن بعدما رحل منه يوما محملا بذاكرة عليلة مليئة بالآهات والحسرات، خصوصا بعد مقتل والدته على يد الإرهابيين، وزواج والده بامرأة شريرة حقود سوّدت معيشته هو وأختاه، وما زاد الأمر تعقيدا هو موت إحدى أختيه متسممة بنبتة سامّة وضعت في طعامها، أما الأخرى فقد هربت من تلك الحياة الضنك - التي كانت تعيشها بين أسوار والدها الذي لا يرحم - بزواجها من رجل مغترب يكبرها بسنوات كثيرة، مأساة البطل تعمقت بعد مقتل والدته وزواج أخته ورحيل الأخرى، برفض عائلة الفتاة التي أحبها تزويجه بها بسبب فقره ويتمه.
بقي عبد القدوس تائها لمدة كبيرة في ذاكرته يعيش بين القبور والكوابيس غير المتناهية التي سرقت النوم من أجفانه، أمام كل هذه النكسات إضافة إلى المعاملة السيئة التي كان يعامله بها والده وزوجة والده كل هذا جعله يفكر في الهجرة غير الشرعية وترك الوطن رفقة ابن عمه «المكي» الذي اقترح عليه الهروب لـ «إيطاليا».
يسرد لنا البطل معاناته ومعاناة الآخر في طريقة يعالج فيها قضايا اجتماعية من واقع المجتمع الجزائري (الفقر، اليتم، السحر الأسود، الطبقية في المجتمع، العنف الأسري، زواج الغصب، ظاهرة التسول، الهجرة غير الشرعية وقوارب الموت).
كما يلامس من خلالها جراح الوطن (الثورة - العشرية السوداء وما خلفته من دمار إلى الوقت الحاضر، 257 شهيد وحالة عائلاتهم)، ويناقش بعض القضايا التي مزالت مثيرة للجدل كزواج الرجل المسلم بالمرأة المسيحية والتعايش في عائلة واحدة مع احترام كل واحد لديانة الآخر.
من خلال هذه الرواية التي بنيت على متضادات كثيرة أهمها، الحب والكره، الفقر والغنى، التسامح والانتقام، الغربة والوطن، الاعتراف والإنكار، العفة والرذيلة، سيقدم الكاتب بلال لونيس أولى أعماله الروائية التي ستصدر عن دار المثقف للنشر والتوزيع المتواجد مقرها بمدينة باتنة. وقد جاء اختياره لهذه الدار تحديدا كما وضح لنا في حديثه لـ «الشعب» كونها تهتم بالمواهب الشابة وتدعمها، وقد عمل فيها سابقا كمدقق لغوي، أما بالنسبة لغلاف روايته فهو من تصميم الفنان الموهوب عبد الفتاح بوشندوقة وقد أظهر إبداعا لا متناهيا من خلاله، حيث أنه وفق إلى حد كبير في انتقاء الصور والأشكال المشبعة بالدلالات والإيحاءات التي تعكس وتعبر عن مضمون الرواية، وهذا بشهادة مجموعة من النقاد - كما أضاف بلال لونيس - على غرار الناقد والكاتب فيصل لحمر والناقد الدكتور سليم سعدلي.
وفي سؤالنا له حول ما ينتظره من مشاركته بأولى أعماله الروائية في سيلا 2018، اعتبر بلال لونيس أن: «سيلا بالنسبة له تمثل فرصة للقاء والارتقاء بالإضافة إلى كون هذا المهرجان يعد عرسا ثقافيا دوليا، ينتظره كل الكتاب بشغف من أجل لقاء قرّائهم ومتابعيهم، قائلا: «أنا كنت أزور سيلا كقارئ وهذا العام سأزورها ككاتب وقارئ معا»، مضيفا أن مشاركته في المعرض الدولي للكتاب ستكون شرفا كبيرا له خاصة أنه سيلتقي بمتابعيه كما سيكسب قراء ومتابعين جدد».