اِسْتِحَالَةٌ
رَسَمَتْ فُرشاتُه قمراً، ونخلةً، وبينهما وجهَ حبيبتِه. القمرُ صارَ بدراً، النخلةُ أينعَتْ عُذوقُها. الوجهُ تعدّدتْ أشكالُه. قَرَّرَ أنْ يَنسى الألوانَ”.
في البدء نقول أن عنوان متن النص القصصي (استحالة) جذاب ومثير وقد وفق الكاتب في اختياره أيما اختيار.
والعنوان “استحالة” له امتداد متماسك البناء وقوي الأركان في متن النسيج القصصي ويثير في القارئ حب الفضول ورغبة الاكتشاف لواقع أجواء هذه الاستحالة ومسبباتها ونتائجها مما يدفع به إلى القراءة المتأنية والواعية لما وراء السطور من كلمات تحمل في ظاهرها البساطة والسهولة ولكن في جوهرها الصعوبة والغموض والتعقيد ومن هذا المدخل وجب أن نسجل أن العنوان شكل ارتباطا متينا بالقفلة بصورة واضحة وجاء معبرا عن عدم بلوغ الغاية وصعوبة تنفيذها.
قصة “استحالة” قصة ذات بعد عاطفي حملت إشارات ورموزا بالغة الدلالة. بحيث جاءت معبرة لنا عن مدى العلاقة الحميمة التي تربط بوثاقها قلب الشاب والذي شكل في رمز “القمر” بأمه والتي رمز لها بالنخلة، وكيف أنه ضحى بحبيبته التي ولع بحبها وكابد من أجل الظفر بيدها وهذا كله تحت وطأة الرفض الذي أبدته أمه لهذه العلاقة التي تجمعه بفتاة أحلامه وسعيها الدائم للحيلولة دون استمرارها، فهو يجد في هذه التضحية بحبه انتصار على النفس بنيل رضا أمه والخضوع والتذلل تحت قدميها وهذه جنته.
لنعترف أن القصة ممتعة وهادفة والقارئ لها قد يجد نفسه يتفاعل تلقائيا مع أحداثها بكل جوارحه عبر بساط الكلمات التي حولتها إلى لوحة فنية متحركة و قد استوفى الكاتب شروط أبجديات القصة القصيرة جدا التي اشتغل عليها بحنكة ومهارة، فالقفلة جاءت في مستوى النص ومرتبطة بالعنوان بتوثيق جيد وهذا بأسلوب سلس عميق المعنى.